عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 4  
قديم 16 / 12 / 2005, 41 : 08 PM
عمرو عبده
vipvip
كاتب الموضوع : عمرو عبده المنتدى : الثقافة الاسلامية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
01 / 06 / 2005 834 662 0.10 يوميا 244 10 عمرو عبده is on a distinguished road
عمرو عبده غير متصل

مشاركة: السرعة القصوى بين العلم والقرآن

( 5 ) يرى معظم المفسرين أن قوله تعالى: )... وعده وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون ( 47 ) (.سورة الحج..

هو نفسه المراد من آية السجدة ( 5 ) حيث استخدمت، أيضاً، هنا نفس الوحدات الزمنية للتعبير عن السير وقطع المسافات، فكانت ( كما شرحنا لاستحالة أن يساوي اليوم عندنا ألف سنة زمنياً ) للدلالة على سرعة عامة وشاملة، أي: سرعة كونية في ملك الله تعالى لا تزيد عن مسافة ألف سنة مما تعدون في اليوم الواحد من أيامكم.

قال ابن العربي: لفظ ( عند ) هنا تعني في ملك الله، فقوله تعالى: )عند ربك(أي: في تقديره وحكمه وملكه سبحانه وتعالى ( نظم الدرر ـ القرطبي ـ الشوكاني ) واستخدام نفس وحدات القياس ( اليوم والألف سنة ) في النصين الشريفين في السجدة ( 5 ) والحج ( 47 ) يدل على أن الموصوف فيهما واحد، وأن كليهما يدل على نفس الحد الأقصى للسرعة الكونية.

وقال الطبري: إن قوله تعالى: ).... وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) ( سورة الحج.

هو سواء مثل نص السجدة ( 5 ).

والمعنى في الحج ( 47 ): يخبرونا بأن الله ـ جل وعلا ـ قد قضى بهذا القانون في ملكه، وحكم به وقدر، ولقد جاءت هذه الآية عقب عبارة تدل على استعجال الكفار لمحمد بأ يطالب من ربه وقوع العذاب بهم، كنوع من التحدي للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان الرد بهذا القانون الإلهي في قول الله تعالى: ) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) (.سورة الحج.

ووجود حرف الكاف للتشبيه هنا في لفظ كألف يدل على أن الزمن غير مراد بذاته ولكن المراد هو التعبير عن المسافة المقطوعة في يوم بواسطة شيء سريع تعادل مسافة ألف سنة لشيء آخر بطيء في ملك الله.

وهنا يتضح التعبير البليغ بإظهار القدرة والمقدرة والاقتدار الإلهي لبيان ما عند الله تعالى من سرعة عظيمة في المقدار تتضاءل عندها كل مقاييس وتصورات وخيال أهل الأرض قدر بها إلى الحد الأقصى لسير الأمور كلها في السماء، فضرب مثلاً بأكبر سرعة موجودة في الأرض والسماء، أي: بأكبر سرعة في الكون المادي المشاهد: لأمر كوني من مادة هذا الكون، فيعلمون ـ إن أدركوا ـ مدى ما عندهم من عجز وافتقار، وما عند تعالى من قدرة واقتدار، لأن الله عنده سرعات تصل إلى حدها الأقصى في سرعة الضوء في عالم الشهادة وتفوقها في عالم الغيب!!!.

( 6 ) ما هو الأمر المشار إليه في آية السجدة ( 5 ) ؟ ولماذا أتى معرفاً بأل بينما اليوم والسنة ورداً في صيغة النكرة ؟ وللجواب على ذلك نذكر قوله تعالى: )يدبر الأمر من السماء إلى الأرض (، وبهذا فإن الأمر هو موضوع التدبير، وقوله تعالى: )من السماء إلى الأرض (، بيان بمجمل التدبير وطبيعته، وقوله تعالى: )ثم يعرج إليه (. أي: يتحرك في ملكه، وبيان ـ أيضاً ـ بالفاعل المدبر، لأن الضمير في ( إليه ) عائد على المولى عز وجل، وأما قوله تعالى: )في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ( 5 ) ( فهو ـ كما ذكرنا ـ بيان بسرعة هذا الأمر الكوني في الفراغ بين السماء والأرض.

وتنكير اليوم والسنة دليل على تغير قيمتها في نظام الأرض والقمر بمرور الزمن وارتباطها بهذه العلاقة القرآنية الفلكية الدائمة لهذا النظام، بينما تعريف الأمر ( بأل ) يدل على ثبات سرعته الموصوفة بين السماء والأرض في هذه العلاقة الكونية ثبوتاً مطلقاً!.

وطبيعة التدبير هنا هي بلا شك حركة دائبة وعروج مستمر لا ينقطع، فقوله عز وجل: )من السماء ( يدل على ابتداء المسير، و )إلى الأرض (يدل على منتهى المسير، والفعل ( يعرج ) موضعه السماء، ويدل على الحركة في انحناء، لأن العروج عن السير في خط مستقيم. ويعرج بمعنى يصعد أو يسير مطلقاً بغير تحديد، في ميل وانحناء أو في خطوط ملتوية، فيدل على الحركة وقطع المسافات.

ومنه تعارج: حاكي مشية الأعرج، وانعرج الشيء، وتعرج: انعطف ومال، وعرّج الثوب: خططه خطوطاً ملتوية ( المعجم الوسيط ).

وفاعل ( يعرج ) هو الأمر هنا، ويدل على وجود كوني من مادة هذا العالم المنظور. بين السماء والأرض بدلالة الاقتران الكوني هنا بين الأمر والسماء والأرض المعهودة لنا، فلا بد وأن الأمر وهو معرف بأل معهود لنا، لأن ( أل ) تأتي للعهد والجنس، وبالتالي يشمل الأمر هنا كل ما يتحرك بالسرعة الموصوفية طبقاً للمعادلة القرآنية السابق شرحها.

ولقد تبين لنا حديثاً أن أموج الجاذبية وجسيمات النبوتريتو تشاركان الضوء في السرعة القصور، والمراد بالأمر هنا هو الأمر الكوني الذي يقع تحت قياسنا فعلاً كما هو موصوف بسرعته في الآية )مما تعدون (وليس أمراً معنوياً مجازياً وليس أمراً موصوفاً ( بكن فيكون ) أي: الأمر التكويني العاجل أي: الأمر الكنى، والذي يشير إليه المولى سبحانه وتعالى في طور الخلق من العدم، وإنما الأمر هنا في أية السجدة في طور التسخير، وخاضع لسنة كونية لا تتبدل ولا تتغير، ومحدد بمقدار سير محدود من الآمر في زمن معين ودائم الثبات في سرعته طبقاً لهذا القانون الكوني الهام.

( 7 ) ليس الأمر هنا معنوياً أو مجازياً، كما فهم بعض المفسرين على أنه القضاء والقدر والثواب والعقاب يتنزل من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه سبحانه يوم القيامة ليفصل فيه، وأن هذا اليوم الأخروي يعادل ألف سنة، لشدة أهواله. لأن هذا رأي يخالف ظاهر النص: ( مما تعدون )، لأن القدر لا يخضع لحسابنا كما أن الرأي بأنه يوم إلهي بألف سنة عندنا يعد خروجاً عن النص وإخضاع للذات الإلهية للزمن!.

( 8 ) وليس الأمر هنا أمراً شرعياً بمعنى الوحي بالتكاليف الشرعية في الطاعات، فقوله تعالى: )من السماء (يدل على أن الأمر كوني، ولو كان شرعياً لقيل ( من عند الله ) بدلاً من السماء.

وقوله تعالى: )إلى الأرض (يدل على أن الأمر كوني. ولو كان شرعياً لقيل: ( إلى الإنسان ) الذي هو محل التكاليف، بدلاً من قوله تعالى: ( إلى الأرض )،ولأن الأمر الذي دبره هو الذي يعود ويعرج في السماء، ولو كان شرعياً فإنه لن يعود بل الذي يعود هو العمل به، لأنه في هذه الحالة النازل غير الطالع، أما الأمر الكوني هنا في هذا البحث هو نفسه النازل والطالع بين السماء والأرض وفي ملك الله تعالى كما أن الأمور الشرعية ليست دائمة ولكنها انتهت باكتمال التنزيل وانقطاع الوحي، بينما الأمر هنا في السجدة ( 5 ) مستمر ودائم، أي من الأمور الكونية المقيدة لسنة ثابتة دائمة في الكون بينما الأوامر الشرعية، تحملها الملائكة، وهذه لها أيضاً حد أقصى لسرعة أخرى أكبر من الموصوفة في السجدة، وذلك كما في قوله تعالى: ) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (.سورة المعارج.. وسوف نتناول هذا النص بالتفصيل بعد ذلك.

وبهذا يتضح أن الأمر في السجدة ليس ملائكياً لاختلاف معدل السير، وقد ذهب بعض المفسرين ـ دون دليل شرعي ـ إلى اعتبار الملائكة مدبرة لهذا الأمر في سورة السجدة استناداً لفهم خاطىء لقوله تعالى: )فالمدبرات أمراً (.سورة النازعات.. ورغم أن هذا النص عام، والكلائكة تقوم بشؤون معينة منصوص عليها في القرآن ( مثل ملك الموت، وملائكة النصر، وملائكة العذاب، وملائكة الذكر ) كما أن الأمر في ( المدبرات أمراً ) ورد نكرة وليس المر الكوني العام في السجدة ( 5 )، كما أن الله ه الذي يدبر الأمر في آية السجدة ( 5 ) وليس الملائكة، والأسلم ترك النص القرآني على ظاهرة فالذي يعرج في السجدة ( 5 ) هو الأمر وليس الملائكة ولا داعي لمعاندة النص الشريف ومخالفة ظاهرة كما أن القرآن يميز من حيث السير بين الملائكة والأمر الكوني كما في آيتي المعارج ( 4 ) والسجدة ( 5 ) على الترتيب وكما في قوله تعالى: ) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ...(.سورة النحل.، والمفاضلة بحرف ( أو ) يدل على اختلاف معدل السير في الحالتين.

وبهذا فليس هناك دليل شرع على قيام الملائكة ـ عليهم السلام ـ بتدبير الأمر الكوني في آية السجدة ( 5 ) ولا داعي لتحميلها ومحاولة تحوير مقاصدها، وعليه فإن المراد في آية السجدة ( 5 ) بيان سنة كونية للأمر الكوني المعرف لغة، بالألف واللام، والمُعرف حالاً بالسرعة الموصوفة في حدها الأقصى، كما نلاحظ بعد ذكر الأمر في السجدة ( 5 ) ورود قوله تعالى: )الذي أحسن كل شيء خلقه....(.سورة السجدة.. فهذا الوصف العام يصيب الأمر المذكور ويشمله، لأنه شيء حادث من بعض ما خلق سبحانه وتعالى وعليه فإن ( الأمر ) الذي نحن بصدده في السجدة ( 5 ) أمر كوني قدري في عالم الأسباب، ضبط بقانون وسنة تميزه فهو وصف لبعض الأقدار الخاضعة لقانون ثابت وعام في هذا الوجود، ولقد أتقن الله كل شيء وقدره تقديراً، وكل شيء عنده بمقدار حتى في عالم الغيب.

( 9 ) يقول تعالى: ) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (.سورة المعارج..

هذا النص الكريم يبين ( كما قال المفسرون ) حداً أقصى لسرعة الملائكة والروح.

فقال ابن عباس وابن إسحاق ومنذر بن سعيد: إن العروج هنا في الدنيا وليس في الاخرة، والمعنى: أنها تعرج في يوم من أيامكم هذه، ومقدار المسافة خمسون ألف سنة ( أبو حيان والألوسي ).

وعالم الملائكة والروح لا يقع تحت القياس البشري، لكون من غير مادة هذا العالم المنظور، ولذلك وردت الآية خالية من عبارة ( مما تعدون ) وهذا دليل على دقة القرآن الكريم وصدق روايته... ولقد أشارت الآية هنا إلى حد أقصى جديد يفوق الحد المنصوص عليه في آية السجدة بخمسين ضعفاً... على الفرض أن اليوم من أيامنا والسنة من سنينا في ( المعارج / 4)، لأننا نحن المخاطبون بالقرآن، وأما خلو هذا النص الشريف من عبارة ( مما تعدون ) فيرجع إلى أننا لن نستطيع أبداً إحصاء سرعة الملائكة والروح رغم علمنا بقيمة كل من اليوم والسنة القمرية بمقاييسنا...







توقيع : عمرو عبده
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
[img]http://img148.**************/img148/7069/2593sc.gif[/img]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة