عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 2  
قديم 14 / 01 / 2006, 47 : 11 PM
عمرو عبده
vipvip
كاتب الموضوع : عمرو عبده المنتدى : الثقافة الاسلامية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
01 / 06 / 2005 834 662 0.10 يوميا 244 10 عمرو عبده is on a distinguished road
عمرو عبده غير متصل

مشاركة: خلق الإنسان من طين في ضوء القرآن

تابع
ولأهمية المسافات البينية والمسام الموجودة في الطين وصف القرآن هذا الطين(صلصال كالفخار)،وذلك في الآية 14 من سورة الرحمن

من ذا الذي لا يعرف أن الإناء الفخاري يتسلل الماء من داخله إلى خارجه فيبخر ليبرد الإناء وما فيه؟

وإذا كان الماء محتوياً على ملح أو سكر مذاب ترسبت بعض بلوراته على السطح الخارجي بعد تسللها من داخله، وقيل حينئذ إن الإناء نضح بما فيه، وفي الأمثال " كل إناء بما فيه ينضح " . الصلصلة هي الرنينن وهي ترجيع الشيء للصوت إذا نقرت عليه أو قرعته كصلصلة الجرس. الفخار الجاف يصلصل لوجود الهواء في مسافاته البينيه، بينما لا تسمع صلصلة إذا نقرت على قطعة من الجرانيت الذي تكون سليكات الألمونيوم 60% منه، وذلك لتراكم حبيباته والتصاقلها بغير مسافات بينيه. كذلك لا تصلصل قطعة من حجر الإردواز، وهو صخر متحول من سليكات الألومنيوم الخالصة فقد مسافاته البينيه بالحرارة والضغط

ولكيلا يحدث لبس، مثل الذي حدث لقارئ جريدة الأهرام، قال الله تعالى (في الآية 26 من سورة الحجر):( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون)، أي من حمأ مسنون من الصلصال. وبمقارنة هذه الآية بآية 12 من سورة المؤمنون ندرك أن (الحمأ المسنون) مرادف أو بديل (السلالة من الطين). وأسلوب التعبير (.. من .. من ..)أسلوب شائع في اللغة العربية، ويقصد به التفسير والتفصيل، فيذكر المتكلم الشيء مجملاً أو كلياً ثم يتبعه التخصيص أو الجزئي، تقول مثلاً: أنا آت من القاهرة، من الروضة أي : من حي الروضة الذي هو جزء من القاهرة. هذا الأسلوب شائع وكثير الاستعمال في القرآن، من أمثلته ما يأتي :

في الآية (172) من سورة الأعراف: (وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم من ذريتهم.. )أي أخذ من بني آدم ذريتهم ـ أخذا من مكان خاص في ظهورهم[1]. وفي سورة الزخرف آية 33(ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة)، أي لجعلنا لمن يكفر بالرحمن سقفاً من فضة هي لهم إجمالاً ولبيتهم تفصيلاً وتخصيصاً. (الحمأ) سائل يتحرك بين حبيبات التربة الصلصالية، ومنه يتسلل الماء وبعض وبعض ما ذاب فيه إلى جذور النباتات أولاً حيث يتكون منه غذاء وحب وفواكه وثمار يأخذها الإنسان لبناء جسمه ولتعطيه الطاقة.أو يأخذها الحيوان أولاً ليكون منها اللبن والعسل وما أحله الله من مأكل وشراب للإنسان الذي تصنع به مادة جسمه وتطلق منه طاقة وحرارة.

من الواضح أن ذلك الأسلوب القرآني في التعليم والتعريف يضطر قارئ القرآن أن يتدبر المعاني ويعمل فكره ويتنقل بعقله في مخلوقات الله وكونه ليصل بنفسه إلى ما يهديه إلى الحق ـ لهذا تتساءل آية قرآنية : (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )(سورة محمد/24).

طرائف لغوية:

من الطرائف العجيبة أن أتعشم أن تحظى باهتمام وعناية بعض اللغويين ما لاحظته في دراستي هذه من تشابه واضح بين بعض الألفاظ العربية وبعض الألفاظ الأجنبية في المبنى والمعنى.

أولاً: كلمة (السلالة)هي ما يتحرك في الخفاء والإذابة في الماء من أهم طرق الإخفاء. الإذابة في عدد من اللغات الأوربية يعبر عنها بكلمة " Solute" والشبه بين هذه الكلمة وكلمة (السلالة)واضح.

ثانياً: (السلالة)هي ما يسلت كما يدل على نضج الملح والسكر على سطح الإناء الفخاري. الاسم الإنجليزي للمادة المذابة القابلة للنضج هو لفظ " Solute" والتشابه في النطق بين سلاته وسوليوت تشابه لافت للنظر.

ثالثاً: المادة العضوية المتحللة التي تختلط بالتربة في كثير من اللغات الأوربية " Humus" ، والمتكلمون بهذه اللغات ينطقون (الحاء)العربية (هاء) تكتب وتنطق إذن : " همأ " أي " Humu" وإضافة حرف (S) في اللغة اللاتينية إلى آخر الكلمات تكاد تكون شيئاً ثابتاً، فنيكولا تكتب وتنطق (نيكولاس)، ويوليو تكتب وتنطق (يوليوس) . تفاعل اللغتين اللاتينية والعربية في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا في عصر النهضة (أو الإستنارة) أمر لا يمكن تجاهله، وهو العصر الذي بدأ الأوربيون فيه ينقلون علومهم عن العربية .

التسلسل والسلالة :

(التسلسل) هو التحرك في خفاء، والسلالة هي ما يحرك في الخفاء. والخفاء قد يتعلق بالشيء ذاته وقد يتعلق بالحركة، وقد يكون كلاهما خفياً.

والشيء يكون خفياً حين يكون مفرط في الصغر أو مفرط في الشفافية أو في العتامة، أو مفرط في البعد، أو حين يتخفى وراء غيره أو في ثناياه.

والحركة تكون خفية حينما تكون مفرطة في السرعة، أو مفرطة في البطء، أو حين تحدث وراء ستار، أو في الظلام ولا تكون مصحوبة بما ينم عنها كالجلبة وشدة التأثير.

وحين يكون التخفي بسبب بطء الحركة وانخفاض الصوت والتأثر، فإنه يسمى " تلطفاً " والشيء يكون لطيفاً حين يكون خفياً لخفته أو لشفافيته أو حين يتلطف في حركته وتأثيره . وفي القرآن يقول أهل الكهف ناصحين رسولهم إلى المدينة .. " وليتلطف ولا يشعرن بكم أحد " فالرسل في عالم السياسة والتجارة أدنى إلى النجاح حين يتلطفون.

إذا كان التلطف والتسلل فن يطلب إتقانه في عوالم السياسة والتجارة والعسكرية واللصوصية وفي مجتمعات المدينة، فإن عالم الطبيعة والفيزياء والكيمياء والأحياء مليء بالخفاء: خفاء الحركة وخفاء الأشياء، ولكل منها أصوله وقوانينه التي تحكمه، وعلى العالم أن يدرس ويبحث ليكشف أسرار الكون وخفاياه، ومن هنا كان العلم قوة جبارة في نفعها وضرها. فإذا كان صاحب العلم ممن أوتوا العلم والإيمان معا تيسر له أن يضفي على كل ما حوله خيراً وصلاحاً وسلاماً، أما إذا كان من الظالمين المشركين طغى وأوقد للحرب ناراً، وعاث في الأرض فساداً ودماراً.. ولكن أمره لن يخفى على من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو اللطيف الخبير

مداخل السلالة ومصائرها :

جزء من السلالة التي في الطين ينتهي به الأمر لتصنع من لبنات يبنى منها جسم الإنسان وتمده كذلك بكثير من الطاقة والقوى . ولكن الأجزاء الأخرى تفيد الإنسان في أغراض أخرى إذ تمنحه المتعة والمنعة وتصلح بيئته والوسط الذي يعيش فيه. ولسنا نبالغ حين نقول إن المصير النهائي للسلالة هو الرجوع إلى مصادرها الطبيعة التي منها تكونت، أو الرجوع لتكوين سلالة طينية جديدة في مستقبل الزمان

هذا الذي يحدث للسلالة ومكوناتها من دوران يعني أن المصير والمبدأ دائماً واحد، وكأنها تعبر عما يعبر عنه كل شيء آخر في الكون يدور من شهادة بصدق القول الكريم: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى)(طه/55)

أو كأنها تشهد بأنه حق قول الله : (الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون)(الروم/11).وأن الله (هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم)(الحديد/3).ولكن رحلة السلالة من الطين إلى حيث تكون جسم الإنسان، أو لتخدم أغراضه الأخرى وبيئته. أو لترجع إلى مصادرها الأصلية ولتكوين سلالة من جديد، ورحلة طويلة .. دعنا نسير معها خطوة خطوة

أهم مداخل السلالة جذور النباتات:

لكل نبات تعود الناس أن يعتمدوا عليه لإطعام أنفسهم، وإطعام أنعامهم ودواجنهم ودوابهم جزءان رئيسيان هما : (أ) ـ جزء يمتد في الهواء فوق سطح التربة ونسميه (الجزع) أو الساق Stem، وهو يعطي فروعاً وأوراق وزهوراً وثمار. (ب) جزء يختبئ في باطن التربة، نسميه (الجذر Root) وهو يتفرع ممتداً إلى أبعاد شاسعة في جميع الاتجاهات داخل الأرض، ولهذا نسميه أحياناً(المجموع الجذري) أو الشبكة الجذرية

وللشبكة الجذرية وظيفتان رئيسيتان:

الوظيفة الأولى:تثبيت الشجرة في الأرض، أي أنها الجهاز الذي يحتل به النبات من الأرض مستقراً يثبت به لمقاومة العوامل التي تحاول اقتلاعه واجتثاثه. ومن أهمها الرياح والعواصف والسيول، وهو ما يحدث بسهولة حين تصاب الشجرة بمرض يضعفها، أو حين يقتلعها بكاملها إنسان مفسد

الوظيفة الثانية:استلام السلالة من الطين. وذلك أن في المجموع الجذري أماكن خاصة أسمها(الشعيرات الجذرية) هي المدخل التي يتسلل خلالها الماء وكثير مما فيه من غازات وأيونات وأملاح معدنية وجزيئات عضوية بسيطة ليستعملها النبات في أغراض شتى

لعلنا لا نعجب بعد أن عرفنا هاتين الوظيفتين للمجموع الجذري لماذا سماه القرآن : " أصل الشجرة " في قوله تعالى : (ألم ترى كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء* تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها * ويضر الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)(إبراهيم /24ـ 25)

وفي الطب نسمي العلاج " جذرياً " حين نستأصل الجزء المريض كله ونزيل أسباب المرض. ولعل الأولى باسم " العلاج الجذري " لمشاكل الإنسان ذلك العلاج الذي ينصح به القرآن حين يقول: (.. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ..)(الرعد/11)، ذلك أن ما بالنفس هو الأصل المختبئ الذي تنجم عنه المظاهر المشاهدة والسلوك والأفعال المؤثرة، فإن كان ما بالنفس طيباً نتج عنه بإذن الله كل خير، وإن كان خبيثاً نضح خبيثاً ثم هلك سريعاً

وللمجموع الجذري وظائف إضافية ليست عامة في كل النباتات. وإنما يميز كل منها مجموعة من النباتات من هذه الوظائف الإضافية:

الوظيفة الثالثة:إخراج الأشطاء. والأشطاء جذوع وليدة تخرج فوق سطح التربة إلى جوار جذع شجرة قديمة مشتركة معه في الجذر والأصل، وبذا تصبح أشجاراً من أصل واحد، قد يهلك الجذع القديم فيبقى الجديد حياً والأصل مستمراً. إخراج الأشطاء إذن يشكل أحد طرق التكاثر. وتتميز بها بعض النباتات كالنخيل والموز والبلوط وكثير من أنواع الأشجار غابات المناطق المتعدلة.ويتكلم القرآن عن أخراج الأشطاء ضارباً منه مثلاً للمسلمين في تآزرهم وتراحمهم وتوحدهم حول كلمة التقوى : (.. ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآذره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار* وعد الله الذي آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً)(الفتح/29)

الوظيفة الرابعة: تخزين الغذاء: في هذه الأنواع من النباتات تكون بعض أجزاء الشبكة الجذرية هي الأجزاء الرئيسية فيه التي تؤكل ويتخذ الناس منها طعامهم. من أمثلتها درنات البطاطس والبطاطا، ورؤوس البنجر واللفت والفجل والقلقاس

الوظيفة الخامسة : الربط بين حبيبات التربة، لتثبيتها ووقايتها من تأثير رياح يمكن أن تذروها أو ماء يمكن أن يجرفها، لعل مما يجب على الناس معرفته وقد كاد تكاثرهم وتزاحمهم غير متوازي يقضي على الأرض الزراعية أن أول خطوة في تعمير(تعمير الصحارى)قد تكون تثبيت الكثبان الرملية بنباتات ذات شبكات جذرية كبيرة لا تحتاج إلى ماء كثير. إن كثيراً من الأراضي الزراعية التي كانت خصبة فقدت خصوبتها أو إنتاجيتها بسبب الإسراف في الاستفادة منها إلى حد اقتلاع الجذور أو تركها لإعداد كبيرة من حيوانات الرعي تدكها أو بنيان مدة عليها أو قريباً منها، أو تجريفها، أو إهمال العناية بها

الوظيفة السادسة: إثراء التربة بالمواد العضوية والكائنات الحية: بعض خلايا الجذور رقيقة تموت وتعوض بخلايا جديدة، وتجذب الخلايا المنفصلة والميتة كائنات كالبكتريا وبعض أنواع الفطر لتتغذى عليها وتسد الدين بتحويل المواد العضوية فيها إلى مواد ذائبة يعاد امتصاصها أو تسري بين حبيبات التربة فتحسن من خواصها ونسيجها، وتزداد خصوبتها بذلك

الوظيفة السابعة:الإفراز: خلايا الجذور القديمة تفرز على سطحها مواد كيتينية أو فلينية أو قلفية لتحمي الجذور من عوامل الاحتكاك ومن حيوانات وبكتريا التربة التي لا يرغب في غزوها. وتفرز الجذور في التربة مواد خاصة تحقق التوازن وتحمي التربة والبيئة ... فهي عمليات هادفة خيرة







توقيع : عمرو عبده
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
[img]http://img148.**************/img148/7069/2593sc.gif[/img]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة