عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 3  
قديم 14 / 01 / 2006, 48 : 11 PM
عمرو عبده
vipvip
كاتب الموضوع : عمرو عبده المنتدى : الثقافة الاسلامية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
01 / 06 / 2005 834 662 0.10 يوميا 244 10 عمرو عبده is on a distinguished road
عمرو عبده غير متصل

مشاركة: خلق الإنسان من طين في ضوء القرآن

تابع
مداخل أخرى للسلالة :

ليس دخول السلالة خلال شعيرات الجذور أمراً لا استثناء فيه، ففي النباتات المائية تدخل السلالة من السوق أو الأوراق المغمورة في الماء. بعض النباتات الطفيلية تخرج من سوقها أجهزة ماصة تمتص السلالة من عصارة النباتات العائلة. تتعايش جذور بعض النباتات مع بعض أنواع البكتريا وخيوط الفطر التي تعتبر مداخل إضافية لبعض مكونات السلالة. هذه الاستثناءات قليلة ولكنها ذات معنى وفائدة، فكأنها تقول إنه لا شئ يعجز الخالق أو يلزمه، فهو على كل شيء قدير، وكل ما شاء يكون. وهو لا يريد إلا خيراً، وإن كان بعض الناس يعمى عن حكمته وخيره

وعن أثر الماء في إشعال جذوة الحياة والإنبات وفي محتويات التربة الهامدة يقول القرآن :(.. وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج)(الحج/5) . ولعل الانتحال في النبات يقرب إلى عقولنا فهم بعض ميول الإنسان العسيرة الفهم. إن شيئاً ما في الإنسان يدفعه للنمو والترقي، بينما شئ آخر يثقله ويخلد به إلى الأرض أو يهوي به إلى الحضيض، وشيء ثالث في الإنسان حائر بينهما وعليه يختار الانحياز إلى أحد الدافعين، ولذا فهو دائماً في صراع بين النفس اللوامة والنفس الأمارة بالسوء. دعنا نوضح الأمر فنقرر أن الإنسان في صراع دائم بين غاية تستهدفها الروح وفيها سعادتها، وغاية يستهدفها الجسد وفيها لذته، وإنها لحيرة كبيرة يعانيها الإنسان بين أتباع الحق وإتباع الهوى الذي يزينه الشيطان : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ {175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {176} سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ)(الأعراف: 175ـ177)

الفرق بين الإنسان والنبات في هذا الأمر هو أن التوازن في النبات بين الساق المتسامي إلى النور والجذر الضارب في الأرض، قد حدث، فتحققت بينهما مصالحة وتعاون. من الممكن للإنسان أن يحقق تصالحاً بين حاجات الروح وضروريات الجسد دون أن يسمح لأحدهما أن يطغى على الآخر وعندئذ يفلح ويسعد. إن المحنة والشقاء يحدثان حين يختل التوازن بينهما ويكون من الطغيان أن يطلب الجسد أن يكون له السمو والخلود وأن تفتعل للمادة بعض صفات الروح.. يا ويل الإنسان من الإسراف والترف والاستكبار بغير الحق، ويا ويله من الجهل وعمى البصيرة

يقدم الساق والجذور للإنسان درساً آخر، وهو لو أن زمام الأمور كان في يد العوامل الفيزيائية أو الكيميائية وحدها لكان من الطبيعي أن يتضخم الساق وفرعه وأن يعجز الجذر عن النمو والتثبيت. ذلك أن الساق ينمو في الهواء، والهواء لطيف بطبعه لا يشكل أي مقاومة ضد الساق وحركاته، ولكن الجذور تتحرك ضد مقاومة واحتكاك شديدين، ولتتغلب عليهما لابد أن تتسلح بقوة شديدة وأن تعان باحتياطات لا يمكن ألا أن نصفها بالذكاء والعقل والحكمة والقدرة، وهي ليست من صفات الطبيعة الميتة أو الجماد ولا يمكن أن تكون نتاجاً للتخبط والعشوائية. يتجه الجذر الابتدائي في نموه نمواً عمودياً وكأنه يشير إلى مركز الأرض، فإذا وجد عائقاً قوياً انحرف عنه ليتحاشاه ثم عاد إلى الاتجاه العمودي من جديد

من الجذر الابتدائي تخرج فروع ثانوية تأخذ اتجاها مائلاً، أي نحو الجوانب والأسفل. ثم تخرج منه فروع ثالثة تأخذ اتجاهاً أفقياً، ومن هذه الفرع تخرج فروع تمتد في جميع الاتجاهات فتشق طريقها بين حبيبات التربة وتدخل في شقوق الصخور وفي أنفاق صنعتها الديدان والحشرات باحثة عن السلالة، وبذا تتكون شبكة طويلة عجيبة تنتشر في رقعة واسعة ليكون إمساكها بالأرض قوياً

يجب أن نعرف أن الماء الذي يدخل في تركيب المادة العضوية في النبات لا يجاوز عادة 1% من الماء الذي ينزل على التربة. أما الباقي (99%) فإنه يتبخر من التربة مباشرة أو بعد دخوله جسم النبات، ويكون معظمه قد تبخر عندئذ عبر ثغور في أوراق النباتات (وهو ما يسمى بالنتح)، أو يتسرب إلى أعماق الأرض مكوناً المياه الجوفية، أو رشاحات الصرف، أو تستعمله الكائنات الحيوية الدقيقة والصغيرة في التربة، وكذلك الجراثيم الهادمة للبكتريا والطحالب والفطريات، وكذلك البذور القديمة التي كانت في سبات مؤقت. لا غرو أن تشير آيات القرآن إلى كثير من هذه الوظائف، ولكن بطريقة يتعذر على غير العلماء إدارك أعماقها، فعلى قدر العلم يكون النور من الله فضلاً ورحمة، ونذكر من هذه الآيات:

(وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض...)(المؤمنون/8). (ألم ترى أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض..)(الزمر/21). (ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء أهتزت وربت* إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير)(فصلت/39)، (.. وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا تؤمنون)(الأنبياء/30). (والله خلق كل دابة من ماء ..)(النور/45). (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء..)(الأنعام/99).(والله الذي أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها..)(النحل/65). (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة..)(الحج/63). (ألم ترىأن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها..)(فاطر/27). (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون)(الواقعة/68ـ69). (... فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين)(الحجر/22). (الأرض بعد ذلك دحاها* أخرج منها ماءها ومرعاها)(النازعات /30ـ31)

(وهو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون)(النحل/10). (..وأنزلنا من السماء ماء فأخرج به الثمرات رزقاً لكم.. )(البقرة/22،إبراهيم/32)

من الإحصائيات الطريفة التي قام بحسابها بعض العلماء أن (5000)رطل من ماء المطر تكفي لإنبات كمية من الحشائش تكفي لتكوين (1) كيلوجرام من اللحم. وما نحب أن نؤكده للقارئ أن كلاً من ماء التبخر وماء النتح والماء المتسرب إلى جوف الأرض، يؤدي للإشجار والنباتات وظائف ذات أهمية تقارب أهمية تكوين المواد العضوية.

مصائر السلالة في النبات:

بعد تسلل السلالة من الطين إلى النبات عبر مداخلها في الشعيرات الجذرية، أو الجذور المستعادة، تتعدد مصائرها:

1. فجزء يحتفظ به النبات في خلاياه

2. وجزء يدخل في تفاعلات كيميائية وتغيرات فيزيائية تسمى في مجموعها " عمليات الأيض، أو التمثيل الغذائي". ذلك أن أهم أهدافها هو أن تتحول إلى مواد تماثل المواد التي يتركب منها جسم النبات. فبرغم أن السلالة التي تمتصها الشجرة هي نفس السلالة التي يمتصها عشب القمح المجاور لها، إلا أنها في التفاح تتحول إلى أوراق وأزهار وثمار شجر التفاح، بينما هي في القمح تكون السنابل والبر والأعماد والقش الذي نعرفه لأعشاب القمح

3. وجزء ثالث يتبخر إلى الهواء في عملية تسمى عملية النتح، وهي تبخير متحور

ومهما كان المصير النهائي للسلالة فإننا لا نبتعد كثيراً عن الحقيقة إذا قلنا إن عليها أن تذهب إلى الأوراق، فهي هدفها الأول أو الرئيسي، لأن الأوراق الخضراء هي الأعضاء التي يتم فيها النتح، والتي يتم فيها أول عمليات التمثيل الغذائي: وهي عملية التخليق الضوئي

الصعود إلى الأوراق والتبخر:

إننا نقف أما عملية صعود السلالة إلى قمم الأشجار مشدوهين متعجبين، فإن بعض الأشجار ترتفع فوق سطح الأرض أكثر من مائة متر، بينما تمتد جذورها إلى أعماق الأرض لأكثر من عشرة أمتار أحياناً. أية قوة تلك التي تدفع السلالة المائية لأكثر من مائة متر ضد الجاذبية الأرضية وليس في الشجرة مضخة تشبه قلب الإنسان أو الحيوان، وليس بها عضلات تنقبض وتدفع، كما يحدث في الأمعاء والحالب والأوعية الدموية؟







توقيع : عمرو عبده
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
[img]http://img148.**************/img148/7069/2593sc.gif[/img]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة