عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 19 / 02 / 2006, 52 : 01 PM
الصورة الرمزية SALMAN
SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : اقلام صحفية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,607 1.09 يوميا 385 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN غير متصل

المراة والعمل اهم لها ام تربية ابنائها

موضوع طويل نوع ما ولكن ما تبدا في قراءته حتى تنتهي منه ...

تحرص (نجوى) على تلبية دعوة زميلاتها إبان الدراسة الجامعية لاستعادة الذكريات التي لا تمل من ترديدها مع زميلاتها، وفي كل إعادة يطفح وجهها بالبشر والنور، وذلك البريق الذي يلمع في عينيها.. بريق من نوع آخر لا تعرف كنهه! أما (أمل) معلمة اللغة العربية منذ أربعة عشر عاماً وهي تعيد على تلميذاتها أخوات كان بنفس الأمثلة وبالطريقة ذاتها، و(سناء) معلمة العلوم الشرعية لا زالت تكتب كل عام مرئياتها حول المناهج واحتجاجها على بعض العبارات الواردة في المنهج، ولكن دون تجاوب! (سوسن) موظفة في دائرة حكومية تعج بالموظفات والمراجعات، ويذهب جل وقتها في أوراق صادرة وأخرى واردة وقد نسيت التخصص الرئيس الذي درسته وتخرجت تحمل شهادة نجاح به. أما (نجوى) فإن أردت أن تحدثك عن الجغرافيا فهي تعرف جمال سطح تلك الدولة الإفريقية الغارقة بالفقر، كما تعرف صقيع الدول الغنية، ولديها ثقافة واسعة في أحداث التاريخ وتأثير الطقس على مجرياته، كما أن التاريخ لديها يعني أخذ العبرة وليس أحداثاً تسرد فحسب، إضافة إلى أن من يقرأ التاريخ يستطيع أن يتنبأ بالحاضر بناءً على معطيات الماضي. وتدلل على صدق حديثها بأبيات من شعر الحكمة تنطقها بلغة عربية فصيحة، علاوة على ذلك فإن معرفتها بالغذاء الجيد ومكوناته وتأثيره على الفكر لا تقل مطلقاً عن معرفتها بحركة (غاندي) ضد الاستعمار، وتعزو نجاحه إلى تلك الصفة التي عرفت عنه، وترى أن الإسلام هو الحل في كل الحركات السياسية والاجتماعية؛ حيث إنه أرسى قواعد السلام منذ أربعة عشر قرناً. ولنجوى اهتمامات أخرى؛ فلديها مهارة في صنع الحلوى، وحين تقدم لك قطعة من الحلوى تغريك القطعة الأولى لاستراق النظر للقطعة الأخرى في الطبق، وللتربية عندها مفهوم آخر؛ حيث ترى أن التربية تتلخص في القدوة! فكن أميناً ليكون ابنك أميناً، واحرصي أن تكوني صادقة لتضحي ابنتك صادقة، وكونوا مخلصين في أعمالكم ليسري الإخلاص لكل فريق العمل! ولا زال ذلك البريق الساحر يجذب زميلات (نجوى) لها، على الرغم من النقاش الحاد بينهن حول إلزامية التقاعد المبكر للموظفات، وكان الاحتجاج سيد النقاش، لا سيما من قبل (د. سعاد) التي حصلت على شهادة الدكتوراه منذ وقت قريب وعملت أستاذاً مشاركاً في الجامعة، وتطمح إلى أن تكون أستاذاً مساعداً وبعدها عميدة للكلية، ذلك الأمل الذي يلوح لها بالأفق! فكيف يغتال طموحها على مقصلة التقاعد المبكر؟!
العمر الزمني لجميع الزميلات متقارب، ولكن يبدو لك أن نجوى تصغرهن بكثير؛ حيث إنها تقاعدت عن العمل قبل أن تشرع به، على رغم أنها حصلت على الشهادة الجامعية بتقدير (امتياز) مع مرتبة الشرف، ورشحت معيدة في الكلية نفسها لتفوقها، إلا أن (أحمد) كانت عروضه أكثر إغراء، على الرغم من أنه شخص مكافح وعصامي، فهو لا يملك المال، إلا أنها تزوجته، وأنجبت منه أربعة أبناء أكبرهم في الثانوية العامة وأصغرهم طفلة في المرحلة التمهيدية، إن شئت أن ترى المثالية في التربية فأمعن النظر فيها، هل ترى من قصور؟!
لقد رزقت (نجوى) بأولاد نجباء ازدانوا بالأدب، وما يميز شخصياتهم عن أقرانهم إكليل الحياء والطاعة التي يفتقدها جيل هذا الزمن العنيد المشاكس الناقم على كل شيء حوله!
يعلم أولادها قيمة كل شيء عندهم، فأقلامهم لا تفقد في المدارس، وفطائرهم لا يعودون بها من مدارسهم دون مساس؛ لأنها محشوة بالجبن السائل بدلاً من الجبن الشرائح! كما أن دفاترهم لكتابة الدروس وليس لكتابة الخواطر وما يدور في الرؤوس! علمتْ أولادها أن الملابس لستر البدن، والحذاء للمحافظة على القدم، والحقيبة لحفظ الكتب والدفاتر وليست للمفاخرة، واقتنع أبناؤها بهذا المنطق فلديهم الأقل بما يكفي احتياجاتهم، أما الزيادة فما هي إلا فضول يحاسب عليه المرء، وأدرك أبناؤها معنى الصدقة؛ لذا جعلوا في مصروفهم الشهري حظا لذوي الحاجة.
يدهشك ذلك البريق وتعجب لهذا الهدوء في تقاسيم وجهها، فلا تشكو (نجوى) من جور مديرتها ولا ضعف مستوى طالباتها، كما أنها لا تذكر المعاناة من عدم تجاوب المراجعات لمكتبها وقلة تقديرهم لطبيعة عملها، وليس هناك أي ذكر لمشاكل الخادمة وتكسيرها الأطباق ونظافة المنزل أو العنف مع الأطفال؛ لأنها تشرف على ذلك بنفسها.
(نجوى) الجامعية المثقفة المتفوقة، تحتار ما هو تخصصها الأصلي؛ فاطلاعاتها المكثفة وثقافتها الواسعة في جميع المجالات أضفت على شخصيتها الروعة، كما أن عدم انشغالها بأمور دنيوية أسبغ على نفسها هدوء ودعة.. فلا تهتم بما يهتم به أغلب الناس في مجتمعها.
ولا زال البريق يشع من عينيها وذلك البشر يطفح في وجهها! وليس هناك من سر! فهي لم تدخل دائرة الموظفات والصراع الوظيفي، حيث كل واحدة تريد أن تثبت للآخرين جدارتها كما تسعى أن تصعد لوحدها إلى القمة حتى بات لدينا داخل دوائر العمل صراع رهيب تمخض عنه ظلم واضطهاد لمن تعمل بصمت وكفاءة وخوف ووجل من أولئك المتمسكين بمناصبهم ولا يعلمون أن القمة تتسع لكل الناجحين.
والنظرية الاقتصادية التي تؤمن بها (نجوى) وتسكن إليها، هي أن العبرة ليست بكثرة الدخل بقدر ما تكون بالحكمة والتروي في الإنفاق. تقول ذلك لزميلاتها حين اشتكين من (طيران رواتبهن) قبل نهاية الشهر، على الرغم من الدوام المضني، وعدم المواءمة بين متطلبات العمل خارج المنزل وداخله، فكيف حين يصدر نظام التقاعد المبكر، ويقضي على نصف الراتب؟!
والحقيقة أن المرأة (الأم) لا تدرك مدى ضياع العمر في عمل يومي يلتهم نصف يومها ونصف عمرها وقد يتجاوز ذلك إلى صحتها وتفكيرها ويؤثر حتى على عبادتها حين تعلم المرأة أن بقاءها في منزلها ورعاية أبنائها يعدل أجر المجاهدين!
وحين نبحث عن المحصلة النهائية نجد أن العمل قد أفقد المرأة ذلك البشر الذي يطفح من وجه (نجوى) وذلك البريق في عينيها وتلك الابتسامة المطمئنة على محياها.
فمن يأخذ جميع مميزات وظائفنا ويعطينا راحتنا؟!
ترى هل نحن بحاجة إلى (مستشفى الأمل) لعلاجنا من إدمان العمل؟!
أم أننا بحاجة إلى بطاقة التشريف المبكر والعودة سريعاً إلى منازلنا


رقية سليمان الهويريني







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة