عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 19 / 02 / 2007, 52 : 02 AM
هادي
المراقب العام والناطق باسم الادارة
المنتدى : القصص والروايات
تاريخ التسجيل العضوية الدولة العمر المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
29 / 12 / 2005 1365 مهاجر بلا وطن ..؟ 41 1,754 0.26 يوميا 259 10 هادي is on a distinguished road
هادي غير متصل

Unlove وســـقـــطــــت الـــعبــــاءة...

في يومٍ..من أيام الحزن المديدة..على غبار المآتم أبراج السماء..نحُبت طيورٌ كان التغريد هو طريقة التخاطب التي تعاملت بها منذ الأزل..ما الذي حدث لها يا ترى..!!؟
لم يعد للرياح ذاك الصوت الأخاذ..وهي تعانق أغصان اللّهفة..شمس الأصيل تنبئ أيضاً بليلٍ قارص البرودة..شديد الألم..
هذا ما كانت تعبر عنه أيضاً..أنوار المدينة ..فقد بدت للأعيان باهتة,كئيبة,مملّة..لم تعدّ تحفلّ بقدوم المساء كما هي عادتها في الليالي الخوالي..هناك أمرٌ غير مجرى سريانها..
الساعة تئن تحت وطأة الوقت الثقيلة..ألّمح في عقاربها رغبة العصيان..هل يا ترى سيأتي اليوم الذي تفعلها فيه...!!؟ربما....
لا مجيب..السكون يلفّ المكان بجرائد من حذر..تغشى وجوه الناس الرهبة من ضيفٍ قادم بكل ما يسوؤهم..أمي تجلس على أحد المقاعد..يديها لا تزال معلقةً بسماء الرجاء والدعاء المستمر..عباءتها تكابد الوقوف على منكّبيها..هناك أيضاً خالتيّ تجلسان بالقرب من إحدى النوافذ المطلة على المصير المجهول..
رائحة المطهرات تعطر الأسقف البيضاء..رغم سواد الحزن العالق في بعض زواياها..
صوتٌ من بعيد..يحرّك الأجواء قليلاً..خالي يتقدم الهوينى نحو الجميع..الاصفرار الواضح في تقاسيم وجه..يسّرد قصة ألم ٍطويلة..يحمل في يده اليمنى وريقات لفّة بطريقةٍ غاضبة..
يقترب من أخي الأصغر..يهمس في أذنه ببعض الكلمات..ثم يتركه يجابه مصيره لوحده..إنه بالفعل اختبار مضني للأعصاب..
يتجه لأحد الأطباء الواقفين هناك في آخر الممرّ..يصافحه الطبيب ثم يضغط على يده ضغطةً محملة ببعض العبارات المواسية..لحالته الرثّة..
لم يعد أخي ذاك الرجل العصامي..الصامت طوال الوقت..هناك حشرجة مريبة..تغمر صوته بوابل من الحزن..والصدمة المؤلمة..
عباءة أمي تسقط معلنةً انتهاء فصل من الدعاء..وبداية فصلٌ آخر من الدعاء أيضاً لكن هذه المرّة لوضع مختلفٍ تماماً..
تسير الخطوات الاتجاه نفسه..لا أحد يسأل الآخر عن ماذا يجوس في خاطره من ألم..النظرات كانت كفيلة بهذا كلّه..
باب العناية المركزة مشرع على مصراعيه..يلتهم أفراح كلّ من حوله..
جثةٌ ترقد على سرير ناصع البياض..يغطيها غطاء يحمل نفس الصفة..
تقترب أمي..ترفع الغطاء ببطء يوازي بطء عبراتها أثناء خروجها من صدرها..حتى وصولها لمرحلة الدمعة الكاملة..تقبل جبين الجثّة..بنفس البطء..
تهمس بحنان الابنة..
_أبي...ألن تعود...!!؟
تزيحها خالتي الصغرى..تفعل الفعل ذاتها..لكنّها لا تنبس بكلمة واحدة..فقد أصابها الخرس من هول الصدمة..خالتي الأخرى تنهار ساقطة..الأحداث تتوالى بسرعةٍ مريبة..
أقف هناك..أراقبها بأبعادها الثلاثية..أحاول فكّ بعض رموزها..إنه كابوس طويل..يأبى أن يطلق عنان رقبتي للأمان..سرابٌ يمضي أمامي لا أكاد أميز ملامحه..
ريشة الحدث ترسم أمامي لوحة في غاية اليتّم والعوز لحنانٍ مفقود..تأخذ الجميع في رحلة مع السهر..ومنادمة الذكرى الراحلة لعبق الماضي الجميل..
جدتي تكابد الوهن.. يسبق قرع عصاها دعواتها بالرحمة الواسعة..لا تكاد تصلّ المكان حتى يوافيها خالي بالقرب من باب العناية المركزة..ليشدّ من أزرها ببعض العبارات المتقطعة..
يخرج الجميع..ما عدى ذاكرتي التي أبت الإياب..حاولت العبور إلى الرّف الآخر من الحياة..باتجاه موانئ الصبا..حدّثتها قليلاً..لكني وجدت الصمت..وصدى الآهات هي من ستتولى دفّة الحوار معي..لذلك فضلت الانسحاب محتفظاً ببقايا صبر يوصلني لإحدى الزوايا المظلمة لإبداء سرد حكايتي من جديد..
صوت نحيب خالتي الصغرى يصمّ الآذان..دعت جميع العاملين هنا يرددون إنا لله وإنا إليه راجعون..بنفس النغمة..
لا تزال السماء تحتفظ ببقايا ضوء خافت..من شمس فضلت الانسحاب في مثل هذا الظرف العصيب..قد لا ترغب في حضور هذا المأتم..ومن يحتملّ مثل هذه المواقف..سوى قلبٌ عامر بالإيمان الصادق..والرضاء بالقدر خيره وشرّه..

إنا لله وإنا إليه راجعون..

حرر بتاريخ 8/1/1428هـ







توقيع : هادي
في رحلتي
مرتني وجوه كثير
حاصرتني بأسئلة
من أكون.....!!؟
ووين راح أكون....!!؟
دورت في عيوني أجوبة
مالقت.........
إلا دمعة أنزلت
على كفي أحفرت
أظنه...وشم...!!!
مكتوب بحبر ودم
مهــــ بلا وطن ــــــــــاجر

أوراقــــ عــــائـــمــــة...........
حــزنـــي الــضــريـــر....
بَ..عَ..ثّ..رَ..هْـ
hade6262@hotmail.com
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة