عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 11 / 08 / 2007, 27 : 07 PM
الصورة الرمزية SALMAN
SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : اقلام صحفية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,607 1.09 يوميا 386 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN متصل الآن

بيوت واستقرار غائب!!

لو أن كل البيوت عامرة بالسعادة والراحة كما يدّعي أهلها، لما امتلأت المقاهي والشوارع في كل وقت بهذه الجموع الغفيرة الهاربة من بيوتها والباحثة عن السعادة والراحة في غيرها، فالبيوت لم تعد كما كانت عليه مصدراً للأمان والراحة والطمأنينة، بعد أن تغيرت مفاهيم كثيرة في علاقة الرجل والمرأة وهي الأساس الذي تستند إليه سعادة البيوت وثباتها بحجم الطمأنينة التي تضفيها على ساكنيها، وتغير بها ما كانت تبنى عليه علاقتهما من مشاعر فطرية تختلف في مسارها وفي حدتها لتحقق التكامل بينهما ولتسكن الأرواح بها لوجود ما يشبعها، فغاب التمازج والتناغم بين الرجل وامرأته في الغايات والأحلام والرغبات وفيما يؤمنان به من قيم وفي أساليب التربية وتنشئة الأبناء، فاختل بهذا المنهج التربوي لأفراد الأسرة إن لم يغب تماماً، وتغير تبعاً لذلك ما كانت تقوم عليه البيوت التي كنا نراها في سابق زماننا عامرة بفهم الرجل والمرأة لطبيعة العلاقة بينهما وعوامل تعزيزها وفهمهما لمسؤولياتهما وحدودها وحجم المشاركة المترتبة على ذلك في تنشئة الأبناء في محيط يسوده التوافق الروحي والوجداني وفق قيم وأخلاق فاضلة تغرس الحب والترابط بين أفراد الأسرة وتوحد ما يتبنونه من قيم ومفاهيم وعادات حميدة، وتفرض الاستقرار العاطفي والنفسي وتعزز المودة والرحمة والسعادة الحقيقية لا الشكلية في البيوت دون التداخل أو التعارض في الواجبات والمسؤوليات.

اليوم تحول بناء بيوت الزوجية إلى مشروع مادي ومصلحي بحت، بعد استبعاد أو إهمال الشراكة الوجدانية والشعورية، تتوافق فيه المصالح تارة وتتعارض تارة أخرى، فيتراوح الاستقرار فيها والطمأنينة بين مد وجزر تبعاً لتوافق المصالح واختلافها أو تأثرها بأي عارض، ولا يُستثنى من ذلك العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة كعنصر أساس في ثبات النفوس وثبات البيوت، فتداعت بهذا ركائز عدة في بناء الأسرة ورعايتها وتلبية حاجاتها الروحية والنفسية قبل المادية مع متغيرات زمن سيطرت عليه المادة، لا أدري إلى أين سيأخذنا وإلى أين سينتهي بنا!؟ وأصبح أساس ما تقوم عليه البيوت وتعمر به الشراكة المادية التي تقوم أساساً على المصلحة وحجم المنافع المادية المتحققة كمفهوم نقلناه من مفاهيم دخيلة لا علاقة لها في الواقع المعاش بتكوين الأسرة المترابطة التي تحقق لأفرادها الراحة والاستقرار النفسي وتعزز المبادئ والقيم فيهم. هذه الشراكة لا تحافظ على قوتها ومتانتها إن قل العائد المادي منها أو ارتبك، وقد تُغني البيوت في كمالياتها لكنها تفقدها الترابط الروحي الذي يحافظ على ثبات البيوت وسعادتها وإن عانت من فقرها المادي، وقد فرضت هذه الشراكة أن يتخلى الرجل عن كثيرٍ من مسؤولياته التربوية وأن تضطلع المرأة بواجبات تبعدها عن واجبها الفطري الأساس فتداعت محفزات الثبات النفسي والاستقرار العاطفي لأفراد الأسرة وانهارت البيوت وإن احتفظت بثباتها الشكلي، ولم يعد هناك مجال لساكني هذه البيوت إلا الوجود في أماكن غيرها بحثاً عما لم يجدوه في بيوتهم من سعادة أو راحة، أو الانحراف في مغامرات يعتقدون أنها تحقق لهم الاستقرار النفسي الذي غاب عن بيوتهم.

واقع الأسرة في وقتنا الحاضر وإن بالغت في وصفه لا يُبشر بمستقبل يبقي على ترابط الأسرة كما نريد، بل على العكس من ذلك ينذر بنشوء جيل فاقد لكثيرٍ من عوامل الاستقرار تتساوى عنده الأمور وذلك لضياع المنهج والقدوة، وهذا خلل بدأنا نلمس بعض آثاره فيما ظهر من إرهاب وانحراف وانتشار للجريمة وضياع للقيم عند كثيرٍ من الأبناء، وحالات التمرد التي نراها في كثيرٍ من الناس على أنفسهم قبل أي شيء آخر، وسنكوى بآثاره الأخرى مستقبلاً إن لم نعالج ما طرأ وما استجد من مفاهيم وقناعات لا تؤسس لبداية صحيحة عند ارتباط الرجل بالمرأة ولا تمكن الأسرة لاهتزاز ما بنيت عليه من أن تقوم بما هو مناط بها، وتؤسس بدورها لأفراد قادرين على أن يبنوا مجتمعاً متجانساً غنياً بقيمه ومبادئه وأخلاقه الفاضلة، مستمدة ثباتها مما جعل الله فيها من مودة ورحمة بين كل رجل وزوجه، لا مصالح قد تنتهي أو تتعارض.. والله المستعان.



نادر بن سالم الكلباني







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة