الموضوع: صالحة // مميز
عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 2  
قديم 14 / 06 / 2021, 34 : 08 AM
الصورة الرمزية SALMAN
SALMAN
مؤسس الموقع
كاتب الموضوع : SALMAN المنتدى : سواليف أدبــاء
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,607 1.09 يوميا 386 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN غير متصل

رد: صالحة // مميز

عاد والد «صالحة» إلى المجلس حيث الخاطب العاشق ووالده ونفر من أهله وقال له: بعد العَشاء إن شاء الله يكون خيراً, دعاهم إلى العشاء وأجلسهما حيث يجلس الضيوف، وبعد العشاء كالعادة تدار فناجين القهوة.... سأله عن طلبه خطبة ابنته ماذا كان ردّها، وكأنه لم يسمعه وأشار إلى أحد أبنائه أن يناوله مظروفا أبيض اللون، يعلو خزانة كتب، بركن المجلس، وقدمه هدية له، فتحه، وأخرج الكتاب.. فصعق وتغطرس بسؤال ليسلب من والد «صالحة» نشوة الانتصار عليه، فأعاد الكتاب بالظرف ووضعه بجانبه وكأنه لم يره أو يعبأ به، معقِّبًا: «وماذا عن طلبي يد ابنتك: قال له: انسَ الموضوع صاحبة الشأن رفضت رفضاً قطعياً، رد عليه بلهجة يُشتَمُ منها التعالي المؤطر بصلف غبي: مستحيل... لا يُمكن... وسنرى!! كتابها لن يجاز، تبسم والدها ابتسامة نقية مغلفة بزهو المنتصر الواثق المطمئن، متمنيًا عليه أن يهدأ، ويقلب صفحات الكتاب، أخرج الكتاب من المظروف وجد في منتصفه صورة من خطاب شهادة فسح وتوزيع كتاب ابنته؛ أردف والدها، وقد سبقته وثيقة الإيداع ، هزّ رأسه، يتمتم تقرض قواطعه شفتيه، تارة، وأخرى يشد شنبه الكث. من هول صفعة بامتياز، معلنة انتهاء مشروع مساومته الغبية، وكأنما مسه جان أو ماس كهربائي، مصرحًا بصوت مسموع: بأن حق القوة سينتصر..، سأله والد «صالحة»: ما ذا تقصد؟ قال: ابنتك ترفضني؛ وكتابها حتى لو كان طبع وأجازه موظف غبي أرعن لن تتمكن من المشاركة به في معرض الكتاب، وسيُحقَّق مع من أجازه...

وقف والده مؤنبًا إياه: لا يصح أن تسيء أدبك في رحاب مضيفك، سحبه خارج المجلس وعاد معتذرًا من مضيفيه، مطالبًا إياه بإبلاغ النساء أن يخرجن، وقد أزف موعد الانصراف.

فور عودة الموظف ووالده ومن معهم مساء بالسيارة، بالكاد تناول كوبًا من لبن، ونام، ليستعد مبكرًا، ويباشر عمله بعد إجازته، وما أن اعتلى كرسي مكتبه الوثير طفق، يلف به يمنة ويسرة، يهذي، يرغي ويزبد، فيما سكرتيره واقفًا، سأله بصلف من أجاز رواية... أثناء إجازته، أبلغه السكرتير؛ الذي سلمته عهدة مكتبك، شكل لجنة أخرى أجازت الكتاب.

ولمَّا يكمل يومه الأول، شرع يكتب خطابا لمديره العام يبلغه بملابسات إجازة وفسح كتاب...، مقترحًا إحالة من أجازه للشؤون القانونية، وقبل أن ينهى كتابة مسودة الخطاب، أزمع ليدق جرس نداء السكرتير؛ دلف بنفسه، وناوله خطاباً أومأ إليه أن يضعه بملف الأوراق التي لم توقع بعد، ويعرضه عليه لاحًقا، قال له: هذا مظروفه لم يفُض بعد، وهكذا خطابات الخاصة لم تخول لي أن افتحه، سآتيك بملف الخطابات اليومية بعد أن أفرغ من تسجيلها، أما هذا الخطاب كما قلت لك.. سأله: لماذا؟ قال: خاص لعنايتكم، جذبه من يده بعصبيّة، بعد أن وضع قلمه على مكتبه ولما يفرغ بعد من طلبه الموافقة بإحالة زميله الذي أجار الكتاب بفترة غيابه للتحقيق.

شرع يقرأ الخطاب، فحواه.. اعتمدوا مباشرة عملكم الجديد يوم غدٍ بمعرض الكتاب مسؤولًا عن النسخ المجازة للتوقيع بالمعرض مرفقة ببيان بأسماء المؤلفين والكتاب المرخص لهم بتوقيع كتبهم بمنصة التوقيع، وسلِّم ما بعهدتك اليوم لعناية المدون اسمه....».

هز رأسه بحركة لا إرادية،وأكمل كتابة المسودة واستدار صوب حاسوبه وكتب الخطاب، ثم نهض من مكتبه، وخلال مروره من السكرتارية، شرع يهذي: هكذا يا سكرتير الشؤم، حاملاً خطابه بيده قاصدًا المدير العام، استأذن مدير مكتب المدير العام.. للدخول، طالبه بالانتظار، دخل لإبلاغ المدير العام: عاد قائلا له: المدير العام أبلغني أن تعود إلى مكتبك،وبعد الظهر سيأتي، رئيس قسم التراخيص الجديد، سلمه العهدة وباشر غدا بالقسم الجديد بمعرض الكتاب وفقًا للخطاب الذي وصلك آنفًا.
ومع انصرافه لمح في منتصف الممر الطويل المؤدي لمكتب المدير العام، والد «صالحة» وفتاة تسير خلفه وبيدها كتاب لم يغب غلافه عن ناظريه ساعة صدمته عشية خطبته البائرة، كانا مستغرقين بالحديث مع موظف قابلاه في الممر وبسرعة البرق راغ إلى مكتب مجاور لتحاشي والد «صالحة»، انتظر بضع دقائق يختلس النظر من باب موارب يفتح على الممر بين الفينة والأخرى، رمق الموظف الذي كان يقف معهما بنهاية الممر، فيما لم يعد لـ»صالحة» ووالدها ظل.

نادى عليه؛ تظاهر وكأنه لم يسمعه، حثَّ الخطى نحوه، وكأنه يرمل بالمسعى بين العلمين الأخضرين، لحق به، وكان لا يزال يلهث، حدثه بصوت منهك؛ لا يكاد يبين؛ ماذا عن الرجل والفتاة اللذين كانا واقفيْن معك؟ أبلغه أنهما كانا يسألان عن مكتب المسؤول عن تسلّم خطاب يحملانه مع نسخة من كتاب لتوقيعه بمعرض الكتاب، وليدرج اسم الكاتبة «صالحة» بجدول التوقيعات المرخصة، وقد أبلغها بالحضور باليوم التالي لتسليم الخطاب للموظف الجديد.

باشر الموظف الأرعن عمله الجديد، وما أن وصل؛ شاهد «صالحة» ووالدها ينتظران في غرفة الاستقبال؛ دخل مكتبه؛ ولما يستقر بعد ويلتقط أنفاسه، دخلت «صالحة» ووالدها فألقى والدها السلام.. فلم يرد التحية بمثلها، أسرها في نفسه ولم يبدها له؛ اختارت «صالحة» أن تجلس على كرسيٍّ قبالة مكتبه؛ فيما والدها اتجه صوبه؛ ناوله الخطاب؛ نظر إليه مغتاظًا؛ يزم شفتيه، ولسان حاله - يحق لكما أن تشمتا بي –، لم يعر نظرته أدنى اهتمام، مكتفيًا بقراءة شفتيه، أولج يده في الجيب الأيسر من ثوبه، وناوله مظروف دعوة لحضور عقد قران ابنته من أحد أقاربها؛ بعد انتهاء فعاليات معرض الكتاب.

قبل أن يهم بالانصراف، وقفت «صالحة» بمحاذاة والدها، ثم مالت على إحدى أُذنيه هامسة إليه، أن يستفسر منه عن الساعة التي يتعين عليها الحضور لارتقاء منصة التوقيعات، نقل سؤال ابنته إليه، فقال له:

- ستجدني غدًا بالمعرض قبالة المنصة اضرب لكما تعظيم سلام؛ انصرفا عن وجهي الآن.

التفت والدها إليه وقال له:

- لا تنس تلبية الدعوة وهويتك المدنية، لتكن الشاهد الثاني.. وتركاه واقفًا...

** **

صالحة - محمد المنصور الحازمي :
https://www.al-jazirah.com/2021/20210611/cm29.htm







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة