خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء

العودة   ملتقى النخبة > ((((((بـــــــــــــــــــــــــــوابـــــــــــــــــــــــــة الملتقى))))) > سواليف كتاب الصحافة
.::||[ آخر المشاركات ]||::.
 

سواليف كتاب الصحافة مختارات مما ينشر في الصحف لبعض الكتاب من مواضيع مهمة ((مواضيع وليست اخبار صحفية))

إضافة رد
 
 
LinkBack أدوات الموضوع
  المشاركة رقم: 1  
قديم 19 / 09 / 2020, 59 : 12 AM
الصورة الرمزية SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : سواليف كتاب الصحافة
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,607 1.09 يوميا 384 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN غير متصل

فن الكلام الفاضي 1-2

في المقولة المشهورة (ولا أدري من قائلها ولا أساسها من الصحة)، إن العظماء يتحدثون عن الأفكار، والعاديين يتحدثون عن أنفسهم، والصغار يتحدثون عن الآخرين، تظهر الأفكار هي المادة المهمة لشغل العظماء ولصناعتهم، في حين أن الذين يهتمون بأنفسهم وينشغلون بها يظهرون بدرجة أقل قيمة من حيث العظمة، في حين أن أقل المجموعة قيمة هي التي تنشغل بالآخرين.

لا أدري على وجه الحقيقة أهذه المقولة مبنية على دراسة دقيقة، أم على ملاحظات عدد كبير من الناس، أم أنها خاطرة في ذهن أحد الفلاسفة والمفكرين، بناء على أهمية الأفكار لديه وقيمتها في تطوير الحضارة الإنسانية، لكن من قال: إن الذات أقل قيمة من الأفكار، وهل الأفكار تأخذ قيمتها إلا من قيمة الذات، ثم إن ميشيل فوكو جعل «الانهمام بالذات» في كتابه «تاريخ الجنسانية» السبب في قيام الحضارة الحديثة، ومثل ذلك القول في «الآخرين»، فكثيراً ما تستمد الذات قيمتها من الآخرين، ونحن نستمد أيضاً وجودنا من وجود الآخرين، فلا نكون ذاتاً إلا بهم.

سأترك تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام بناء على الأهمية المفترضة لكل موضوع، وننظر إلى ما يشغل الناس في مجالسهم، أو ما يستمتع الناس في الحديث حوله. هناك مقولة أخرى أيضاً (لا أدري من قائلها، ولا ما صحتها) تقول: إذا اجتمع الرجال تحدثوا عن أعمالهم، وإذا اجتمعت النساء تحدثن عن رجالهن.

إعلان

لن أناقش هذه المقولة مناقشة فلسلفية كما نفعل عادة نحن الأكاديميين والمفكرين والكتاب ومن أخذ بصناعتنا أو أدركته حرفتنا، وإنما سأنتقل إلى موضوع آخر، وهو مبني على قول الشاعر: «وأن الحرب أولها الكلام»، فكثيراً ما تجر أحاديث الناس المجتمعة المتحدثين إلى الخصام خاصة حينما يكون الحديث عن «الأفكار» مادة العظماء كما في القول السابق، إذ يبدأ الأمر بالحوار ثم النقاش ثم الجدال إلى أن يصبح خصومة وقطيعة، وقد قيل فيه «إنه يفسد الصداقة القديمة، ويحلل العقدة الوثيقة»، ففيه المغالبة «والمغالبة من أمتن أسباب القطيعة».

فالحديث عن «الأفكار» قد لا يكون دائماً جيداً أن تملأ به المجالس حيث إنه لا يؤدي إلى المتعة الحقيقية للجالسين، وليس بالضرورة يسهم في جمع القلوب وتأليف الناس بغض النظر عن حجم ونوع الذين يعنون به، ولذا فهو ليس من الحديث المحبب إلى كثير من الناس، لصعوبته وقلة الذين يستمتعون به ويقدرون عليه، ولما يجره من عداوات.

ولا يختلف الحال بالنسبة للحديث عن النفس، فهو ممل، وغالباً ما يأنف الحاضرون من الذي يديم الحديث عن نفسه، ويملأ أسماع الناس بمغامراته أو ببطولاته، وربما عاد موضوعاً للسخرية والاستهزاء، لا يلبث أن ينفض سامر الناس من حول المتحدث.

لم يبق إلا النوع الثالث وهو «فاكهة المجلس»، الحديث عن الآخرين، واغتيابهم، وما يتبع ذلك من الكذب عليهم والوقوع -ربما- في أعراضهم، وهو الذي يستأثر بالمجالس، ويجتمع الناس عليه، وقد يقرب بين الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا.

ولا شك أن هذا النوع من الحديث هو المقصود بأنما ينشغل به الصغار، وقد يكون من المؤلم أن يكون أغلب الناس بناء على هذه المقولة، وبناء على أنه هو الغالب في أحاديث الناس، أن يكونوا صغاراً.

ولكن حتى لا نستعجل بهذا الحكم، ينبغي أن نتحقق ما إذا كان كل حديث عن الآخرين يتجه نحو هذه الوجهة، وإذا لم يكن من الممكن أن يكون الحديث عن الآخر مثمراً على صورة من الصور.

لا شك أن الحديث عن الآخرين، يكشف فيما يكشف، الانشغال بهم بصورة من الصور، وهذا ما يعني أنهم يأخذون مساحة من اهتمامنا، لكنه في الوقت نفسه قد يكون مثمراً حين يكون لاستلهام الدروس والعبر، أو محاولة فهمهم والقدرة على التعامل معهم. كما أنه ليس بالضرورة أن يكون متصلاً بشخص بعينه، وإنما يدور حول جماعة من غير تخصيص على غير محمل السخرية والاستهزاء، وهذا يجعل المتحدث به كبيراً إذ يدرك نقصه، ويحاول أن يضيف إلى نفسه مزيداً من الفضل، وعلى هذا جاء ما يروى عن ابن المقفع أنه سئل مرة عن سبب هذه الحال التي صار عليها من الفضل والأدب وكريم الخلق، فقال: ما أحببت صفة في أحد إلا اتصفت بها، وما كرهت خلقاً في آخر إلا ابتعدت عنه.

د. إبراهيم بن محمد الشتوي
http://www.al-jazirah.com/2020/20200911/cm36.htm



وفي كتب تطوير الذات يتحدث بعض المعنيين عن التواصل في الأماكن العامة، وفي الحفلات المختلطة (تخلط عدداً من الناس في مجالات مختلفة)، فيذكرون أن على الإنسان ألا يفيض في حديث عميق، وألا يفصل القول خاصة فيما إذا ما كان ما يقوله من اختصاصه، ومما يتقاضى عليه الناس أجوراً في العادة، كما يذكرون أن الحديث في هذه الأماكن ينبغي أن يكون حديثاً عاماً يجري فيما يتحدث فيه الناس عادة في مجالسهم، وأن على صاحب الاختصاص إذا سئل في اختصاصه أو الطبيب إذا سأله أحد الجالسين عن علة لديه ينبغي أن يكتفي بالحديث العام وأن يحيله إلى العيادة.

وهذا يعني أن لدينا نوعاً من الحديث يبعث على الخصام، وينشر الفرقة بين المتحابين، وحديثاً إنما ينشغل به الصغار وهو النمائم والغيبة، وحديثاً ثميناً مكلفاً لا ينبغي أن ينثره صاحبه في المجالس إما لدى قوم لا يدركون قيمته أو لا يعطون صاحبه ما يستحقه من مقابل.

وهذه الأنواع لا تصلح لأن تملأ بها المجالس، ولا أن يتحلق الناس عليها، ما يعني أننا ينبغي أن نبحث عن كلام لا يتصف بالصفات السابقة، ويكون مسلياً يجتمع الناس عليه، ويجدون المتعة باستماعه والمشاركة فيه.

غالباً ما تكون هذه الصفات منطبقة على القصص، وهو ما عرفه الدارسون المعاصرون حين اهتموا بالسرد، لكن القصص وحدها لا تكفي، وليست هي موضوع هذا المقال، ولذا فإنني سأتجاوزها للبحث عن حديث آخر يصلح لهذه الوظيفة.

يقال (ولا أعلم مدى دقة هذا القول) إن الإنجليز حينما يرغبون في بداية حديث مع أحد، فإنهم يبدءون بالحديث عن الطقس، ثم يجرون الحديث إلى ما لا حد له. هنا تكمن الفكرة، الحديث عن الطقس في الغالب لا يتصل بأحد، فلا يمكن أن يكون حديثاً سياسياً يورد صاحبه إلى الموارد، فالحكومة أياً كان وضعها لا يمكن أن تكون مسئولة عن انقطاع المطر، أو عن حرارة الشمس، أو شدة البرد، أو كثرة الرياح والزوابع، وليس حديثاً يتصل بالدين أيضاً ولا سواها مما يسمى بـ(التابو) المحرمات.

وعلى هذه الشاكلة ينبغي أن يدور الحديث، فيتناول الأطفال، باعتباره موضوعاً محبباً لدى الجميع أن يتحدثوا عن أطفالهم إما عن نجاحاتهم (إذا لم يكونوا يخشون العين كما في بعض المجتمعات) أو عما يلاقونه من عنت منهم، وهذا جيد لأنه -على أقل تقدير- يطرد العيون الشريرة عن الأولاد، ولأنه الحديث المحبب لدى الآباء، وكأنهم يريدون أن يشعروا بقيمتهم هم، ومسئوليتهم، ومثل الأولاد يمكن أن يكون الحديث عن الأغذية وسعراتها الحرارية، وصلتها بصحة الجسم وأثرها على الأمراض، أو ديكور المنازل أو بعض ما فيه وصب اللعنات على عامل التصليحات أو المدائح -لا يهم- باعتباره لا يؤبه به أو له ولغضبه.

هذه موضوعات عامة يمكن أن يتحدث بها الجميع، وهناك موضوعات خاصة يحب أن يتحدث فيها النساء، وأخرى يتحدث بها الرجال فيما بينهم، وتجذب المستمعين، فالنساء عادة ينجذبن للحديث عن الملابس وتصاميمهن، وعن التجميل وأدواتها، والزينة وأنواعها وأشكالها، ومحلاتها، والرجال يحبون أن تحدثوا عن أعمالهم وعن أسفارهم أيضاً.

وبناء على ما قلناه من أن النساء يحببن أن يتكلمن عن رجالهن، فإن الرجال أيضاً يحبون أن يتكلموا عن النساء، ولكن بوجه العموم وليس عن امرأة خاصة، فهو من الموضوعات التي يتفق الرجال -في الغالب- على محبة الحديث فيه، ويستمتعون به، ولا يجلب الخصومة بينهم خاصة في المجالس التي يكون الحضور فيها خاصاً بالرجال.

يبقى كيف يترتب الحديث، وينتقل من موضوع إلى آخر، فإذا انتهى موضوع معين بناء على أن التناول سيكون سريعاً وسطحياً بحيث لا يمل، ولا يثير حفيظة أحد، فإن الحديث ينتقل إلى موضوع آخر سريع، وهنا تكمن المهارة في تجميع الموضوعات السطحية وصياغتها بلغة تجعلها مقبولة لدى السامعين، ولا تتماس مع حساسيتهم، لأنه عندها قد يكون مبطناً برسائل غير مباشرة للسامعين خارج السياق، فيثير حفائظهم أو يسوق الحديث إلى غير الوجهة المختارة، فبعض الناس لديه حساسية من الحديث عن السن، أو اللون، أو الجهة أو القبيلة أو غيرها مما يتماس مع الجوانب الشخصية للحاضرين.

هناك من يحب أن يستأثر بالحديث، فيطيل القول ويبسطه، ولا يترك مجالاً لأحد أن يتحدث، وقد لاحظت أن التقنية الني يعتمدها هؤلاء هي القدرة على التنقل السريع بين الموضوعات، بحيث لا يثير انتباه المتلقي إلى أن الحديث في الموضوع الأول قد انتهى، فهو ينقله بخفة وبسرعة، حين يتخذ الكلمة الأخيرة أو ما قبلها من حديثه مفتاحاً للموضوع الجديد الذي يريد أن ينقل الحديث إليه، فإذا كان يتكلم مثلاً عن رحلة إلى المنطقة الشرقية، فإنه عند نهاية الكلام عن الرحلة حينما كان في أحد مطاعم الدمام ينقل الحديث مباشرة إلى الحديث عن المطاعم نفسها ويفيض فيها القول وهكذا. وعلى من يرغب في المشاركة الانتباه إلى هذه النقلة السريعة، فيقطعه مستخدماً تقنية أخرى سأتحدث عنها فيما بعد.

د. إبراهيم بن محمد الشتوي

https://www.al-jazirah.com/2020/20200918/cm41.htm







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
Digg this Post!Add Post to del.icio.usBookmark Post in TechnoratiTweet this Post!
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
 
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المساس بالحقوق SALMAN مقالات صحفية 2011-2019 0 17 / 06 / 2020 08 : 12 PM
الاقتصاد في الكلام //مميز SALMAN مقالات صحفية 2011-2019 0 16 / 06 / 2020 27 : 09 AM


الساعة الآن 38 : 04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir
ملتقى النخبة 2005