خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء

العودة   ملتقى النخبة > النخبة 2011 > سواليف مطاوعة
.::||[ آخر المشاركات ]||::.
 

سواليف مطاوعة مواضيع دينية على مذهب أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
 
LinkBack أدوات الموضوع
  المشاركة رقم: 1  
قديم 01 / 01 / 2011, 23 : 06 PM
عضو حاصل على المرتبة الرابعة
المنتدى : سواليف مطاوعة
تاريخ التسجيل العضوية المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
19 / 03 / 2010 4143 510 0.10 يوميا 182 10 maya is on a distinguished road
maya غير متصل

قصة عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته










كَانَ عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ يَتِيمًا
مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ مَالاً وَلا مُعِيلاً لَكِنَّ أُمَّهُ لَمْ تَلْبَثْ إِلا مُدَّةً يَسِيرَةً ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِالْجُلاسِ بن سُوَيْدٍ فَكَفَلَ ابْنَهَا عُمَيْرًا وَضَمَّهُ إِلَيْهِ .

وَقَدْ لَقِيَ عُمَيْرٌ مِنْ بِرِّ الْجُلاسِ وَرِعَايَتِه وَجَمِيل عَطْفَهِ بِهِ مَا جَعَلَهُ يَنْسَى أَنَّهُ يَتَيمٌ فَأَحَبَّ عُمَيْرٌ الْجُلاسَ حُبَّ الابْنِ لأَبِيهِ وَكَذَلِكَ الْجُلاسُ وَلِعَ بِعُمَيْرٍ وَأَحَبَّهُ حُبَّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ .

وَكَانَ كُلَّمَا شَبَّ عُمَيْرٌ ازْدَادَ الْجُلاسُ لَهُ حَبًّا وَازْدَادَ بِهِ إِعْجَابًا لِمَا يَتَخَيَّلُ فِيهِ مِنْ أَمَارَاتِ الْفِطْنَةِ وَالنَّجَابَةِ الَّتِي تَبْدُو فِي كُلِّ عَملٍ مِنْ أَعْمَالِهِ وَتَبْدُو فِي شَمَائِلهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ .

وَقَدْ أَسْلَمُ عُمَيْرُ بِنُ سَعْدٍ وَهُوَ صَغِيرٌ لَمْ يُجَاوِزِ الْعَاشِرَةَ مِنْ عُمْرِهِ إِلا قَلِيلاً فَوَجَدَ الإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ الْغَضِّ مَكَانًا خَالِيًا فَتَمَكنَ مِنْهُ وَأَلْفَى الإِسْلامُ فِي نَفْسِ عُمَيْرٍ الصَّافِيَةِ تُرْبَةً خَصْبَة فَتَغَلْغَلَ فِيهَا .

فَكَانَ عَلَى صِغَر سِنِّهِ لا يَتَأَخَّرُ عَنْ الصَّلاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ أُمُّهُ تُسَرُّ وَتَغْمُرُهَا الْفَرْحَةُ إِذَا رَأَتْهُ ذَاهِبًا إِلى الْمَسْجِد أَوْ رَاجِعًا مِنْهُ .

وَسَارَتْ حَيَاتُه عَلَى هَذَا النَّحْوِ هَانِئَةً هَادِئَةً وَادِعَةً لا يُعَكِّرُ صَفْوهَا مُعَكِّرٌ إِلى أَنْ قَدَرَ اللهُ عَلَى عُمَيْرٍ مِحْنَة مِنْ أَشَدِّ الْمِحَنِ قَلَّماَ مَرَّتْ عَلَى فَتَىً مِثْلِهِ فِي السِّنِّ .

فَفِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ لِمَا رَأَى بَذْلَ الْمُسْلِمِينَ أَمْوَالَهُمْ عِنْدَمَا حَثَّهُمْ صَلَواتُ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلامُه عَلَى الْجِهَادِ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَحَثَّهُمْ عَلَى النَّفَقَةِ وَرَغِبَ أَهْلُ الثَّرْوَةِ بِالْخَيْرِ وَحَثَّ الْمُوسِرِينَ عَلَى تَجْهِيزِ الْمُعْسِرِينَ
وَأَبْصَرَ أَبَا بَكْرٍ يَجِيءُ بِمَا عِنْدَهُ
وَعُمَرَ يَأْتِي بِنِصْفِ مَالِهِ
وَعُثْمَانَ يَأْتِي بِجِرَابٍ فِيهِ أَلْفَ دِينَارٍ ذَهَبًا وَيُقَدِّمُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ يَحْمِلُ عَلَى عَاتِقِهِ مَائَتَي أَوْقِيَّةٍ مِنْ الذَّهَبِ وَيُلْقِيهَا بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَنِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ يَنْزِعْنَ حُلِيِّهِنَّ وَيُلْقِينَهُ بَيْنَ يَدِيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُجَهِّزَ بِثَمَنِهِ الْجَيْشَ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ
بَلْ رَأَى رَجُلاً يَعْرِضُ فِرَاشَه لِلْبَيْعِ لِيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ سَيْفًا يُجَاهِدُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ .

فَتَعَجَّبَ عُمَيْرٌ مِنْ تَأَخُّر الْجُلاسِ وَتَبَاطِئِهِ عَنْ الاسْتِعْدَادِ لِلرَّحِيلِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأَخُّرِهِ عَنْ الْبَذْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَلَى الرَّغْمْ مِنْ قُدْرَتِهِ وَغِنَاهُ .

وَأَرَادَ عُمَيْرٌ أَنْ يَسْتَثِيرَ هِمَّةَ الْجُلاسِ وَيَبْعَثَ الْحَمِيَّةَ وَالْمُرُوءَةِ فِي نَفْسِهِ فَشَرَعَ يَقُصُّ عَلَى الْجُلاسِ أَخْبَارَ مَا رَأَى وَمَا سَمِعَ وَخَاصَّةً الْبَكَّائِينَ الذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَحْملِهُم وَاعْتَذَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ لا يَجِدُ مَا يَحْملِهُم فَتَوَلَّوْا وَأَعْينُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزْنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُبَلِّغُهُم أُمْنِيَّتَهُمْ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ .

لَكِنَّ الْجُلاسَ مَا كَادَ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ عُمَيْرٍ مَا سَمِعَ حَتَّى تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَطَارَتْ عَقْلَ الْفَتَى عُمَيْرِ مِنْ كِبَرِهَا إِذَا سَمِعَهُ يَقُولُ وَالْعِيَاذُ بِهِ :
( إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَادِقًا فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ النُّبُوَّةِ فَنَحْنُ شَرٌّ مِنْ الْحَمِيرِ )
لَقَدْ انْدَهَشَ عُمَيْرٌ مِمَّا سَمِعَ فَمَا كَانَ يَظُنُّ أَنَّ رَجُلاً عَاقِلاً كَبِيرَ السِّنِّ يَنْطِقُ بِمِثْل هَذِهِ الْكَلِمَةِ الَّتِي تُخْرِجُ قَائِلَهَا عَنْ الإِيمَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتُدْخِلُهُ فِي الْكُفْرِ .
ذَهَبَ عُمَيْرُ بنُ سَعَدٍ يُفَكّرُ فِي تِجَاهِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ الْفَظِيعَةِ الْمُوبقَةِ فَرَأى أَنَّ السُّكُوتَ عَنْ الْجُلاسِ وَالسَّتْرَ عَلَيْهِ خِيَانَةٌ للهِ وَرَسُولِهِ وَإِضْرَارًا بِالإِسْلامِ الذِي يَكِيدُ لَهُ الْمُنَافِقُونَ .
وَرَأَى أَنَّ فِي إِخْبَارِهِ فِيمَا سَمِعَ مِنْ الْجُلاسِ عُقُوقًا بِالرَّجُلِ الذِي يُنْزِلُه مِنْ نَفْسِهِ مَنْزِلَةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ فَالْجُلاسُ هُوَ الذِي كَفَلَهُ يَتِيمًا وَرَبَّاهُ وَعَوَّضَهُ عَنْ فَقْدِ أَبِيهِ .
فَاخْتَارَ النَّصِيحَةَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَالْتَفَتَ إِلى الْجُلاسِ :
وَقَالَ :
وَاللهِ يَا جُلاسُ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ
فَأَنْتَ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيَّ وَأَجَلُّهُمْ إِلَيَّ يَدَا وَأَعْظَمُهم نِعْمَة عَلَيَّ .
وَلَقَدْ قُلْتَ مَقَالَةً إِنْ ذَكَرْتُهَا فَضَحْتُكَ ، وَإِنْ أَخْفَيْتُهَا خُنْتَ أَمَانَتِي وَأَهْلَكْتُ نَفْسِي وَدِينِي وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى أَنْ أَمْضِي إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُخْبِرَه بِمَا قُلْتَ فَكُنْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِكَ .

ثُمَّ مَضَى عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ إِلى الْمَسْجِدِ وَأَخْبَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا سَمِعَ مِنْ الْجُلاسِ بنِ سُوَيْدٍ فَأَقْعَدَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ وَأَرْسَلَ أَحَدَ أَصْحَابِهِ إِلى الْجُلاسِ يَدْعُوه أَنْ يَأْتِي .

وَمَا هُوَ إِلا قَلِيلٌ حَتَّى جَاءَ الْجُلاسُ فَحَيَّا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ
فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَا مَقَالَةُ سَمِعَهَا مِنْكَ عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ )) وَذَكَرَ لَهُ مَا قَالَهُ
فَقَالَ :
كَذِبَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ وَافْتَرَى فَمَا تَفَوَّهْتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .
وَجَعَلَ الصَّحَابَةُ يُدِيرُونَ أَبْصَارَهُم فِي الْجُلاسِ وَعُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَقْرَءُوا عَلَى صَحِيفَتَيْ وَجْهَيْهِمَا مَا يُكُنِّهُ صَدْرَاهُمَا وَجَعَلُوا يَتَهَامَسُونَ
فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ الذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ :
فَتَىً عَاقٌّ أَبَى إِلا أَنْ يُسِيءَ لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ :
بَلْ إِنَّهُ غُلامٌ نَشَأَ فِي طَاعَةِ اللهِ وَإِنَّ مَلامِحَ وَجْهِهِ لَتَنْطِقُ بِصِدْقِهِ
وَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَيْرٍ فَرَأى وَجْهَهُ قَدْ احْتَقَنَ بِالدَّمِ وَالدُّمُوعُ تَنْحَدِرُ مِدْرَارًا مِنْ عَيْنَيْهِ فَتَتَسَاقَطُ عَلَى خَدَّيْهِ وَصَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ :
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَى نَبِيِّكَ بَيَانَ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ يُكِرِّرُهَا فَانْبَرَى الْجُلاسُ
وَقَالَ :
إِنَّ مَا ذَكَرْتُه لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ الْحَقُّ وَإِنْ شِئْتَ تَحَالَفْنَا بَيْنَ يَدَيْكَ وَإِنِّي أَحْلِفُ بِاللهِ أَنِّي مَا قُلْتَ شَيْئًا مِمَّا نَقَلَهُ لَكَ عُمَيْرٌ فَمَا أَنِ انْتَهَى مِنْ حَلِفِه وَأَخَذَتْ عُيُونَ النَّاسِ تَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلى عُمَيرِ بن سَعْدٍ حَتَّى غَشِيَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّكِينَةُ .
فَعَرَفَ الصَّحَابَةُ أَنَّهُ الْوَحْي فَلَزِمُوا أَمَاكِنَهُمْ وَسَكَنَتْ جَوَارِحُهم وَلاذُوا بِالصَّمْتِ وَتَعَلَّقَتْ أَبْصَارُهمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَا ظَهَرَ الْخَوْفُ وَالْوَجَلُ عَلَى الْجُلاسِ وَبَدَا التَّلَهُّفُ وَالتَّشَوُّقُ عَلَى عُمَيْرٍ ثُمَّ سُرَّى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلا قَوْلَ اللهِ تَعَالى :
﴿ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ ﴾
إِلى قَوْلِهِ :
﴿ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ﴾ .
فَارْتَعَدَ الْجُلاسُ مِنْ هَوْلِ مَا سَمِعَ وَكَادَ يَنْعَقِدُ لِسَانَهُ مِنْ الْجَزَعِ وَالرَّوْعَةِ
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ :
بَلْ أَتُوبُ يَا رَسُولَ اللهِ بَلْ أَتُوبُ ، صَدَقَ عُمَيْرٌ يَا رَسُولَ اللهِ وَكُنْتُ مِنْ الْكَاذِبِينَ ، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَقْبَلَ تَوْبَتِي جُعِلْتَ فِدَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ .
وَهُنَا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ فَمَدَّ يَدَهُ الشَّرِيفَةُ إِلى أُذُنِهِ وَأَمْسَكَهَا بِرِفْقٍ وَقَالَ :
(( وَفَّتْ أُذُنُكَ يَا غُلامُ مَا سَمِعَتْ ، وَصَدَّقَكَ رَبُّكَ )) .






يتبع







Digg this Post!Add Post to del.icio.usBookmark Post in TechnoratiTweet this Post!
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
  المشاركة رقم: 2  
قديم 01 / 01 / 2011, 26 : 06 PM
عضو حاصل على المرتبة الرابعة
كاتب الموضوع : maya المنتدى : سواليف مطاوعة
تاريخ التسجيل العضوية المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
19 / 03 / 2010 4143 510 0.10 يوميا 182 10 maya is on a distinguished road
maya غير متصل

رد: قصة عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ

كَانَ أَهْلُ حَمْصٍ شَدِيدِي التَّذَمُّرِ مِنْ وُلاتِهمْ كَثِيرِي الشَّكْوَى مِنْهُمْ
فَمَا جَاءَ مِنْ وَالٍ إِلا ذَكَرُوا لَهُ عُيوبًا وَأَحْصُوا لَهُ ذُنُوبًا وَرَفَعُوا أَمْرَهُ إِلى خَلِيفَةِ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبُوا مِنْهُ بَدَلَهُ خَيْرًا مِنْهُ .
فَعَزَمَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ بِوَالٍ لا يَجِدُونَ فِيهِ مطْعَنًا وَلا يَرَوْنَ فِي سِيرَتِهِ مَغْمَزًا
فَاخْتَارَ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ حِمْصٍ وَأَمْرَهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا فَقَبِلَ الأَمْرَ عَلَى إِغْمَاضٍ مِنْهُ لأَنَّهُ كَانَ لا يُؤْثِرُ شَيْئًا عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ .
وَلَمَّا بَلَغَ عُمَيْرٌ حِمْصًا جَمَعَ النَّاسَ وَخَطَبَهُمْ وَبَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ قَالَ :
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الإِسْلامَ حِصْنٌ مَنِيعٌ وَبَابٌ وَثِيقٌ وَحِصْنُ الإِسْلامِ الْعَدْلُ ، وَبَابُه الْحَقُّ فَإِذَا دُكَّ الْحِصْنُ وَحُطِّمَ الْبَابُ اسْتُبِيحَ حِمَى الدِّينِ .
وَإِنَّ الإِسْلامَ مَا يَزَالُ مَنِيعًا مَا اشْتَدَّ السُّلْطَانُ وَلَيْسَتْ شِدَّةُ السُّلْطَانِ ضَرْبًا بِالسَّوْطِ وَلا قَتْلاً بِالسَّيْفِ وَلَكِنْ قَضَاءٌ بِالْعَدْلِ وَأَخْذًا بِالْحَقِّ .
ثُمَّ انْصَرَفَ إِلى عَمَلِهِ لِيُنَفذَ مَا اخْتَطَّهُ لَهُمْ .
قَضَى عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ حَوْلاً كَامِلاً فِي حِمْصَ لَمْ يَكْتُبْ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ كِتَابًا وَلَمْ يَبْعَثْ إِلى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْفِيءِ وَلا دِرْهَمًا وَلا دِينَارًا .
فَقَالَ عُمَرُ لِكَاتِبِهِ :
اكْتُبْ لِعُمَيْرٍ وَقُلْ : إِذَا جَاءَكَ كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَقْبِلْ وَاتْرُكْ حِمْصَ وَأَقْبِلْ عَلَيْهِ وَاحْمِلْ مَعَكَ مَا جَبَيْتَ مِنْ فِيءِ الْمُسْلِمِينَ .
وَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُ عُمَر إِلى عُمَيْر أَخَذَ جِرَابَ زَادِهِ وَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَحَمَلَ قَصْعَتَهُ وَوِعَاءَ وُضُوئِهِ وَانْطَلَقَ يَمْشِي إِلى الْمَدِينَةِ
فَلَمَّا وَصَلَ الْمَدِينَةِ وَإِذَا لَوْنُهُ مُتَغَيرٌ وبَدَنُهُ مُتَضَعْضِعٌ قَدْ هَزُلَ جِسْمُه وَطَالَ شَعْرُهُ وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ وَعْثَاءُ السَّفَرِ وَكَآبَةُ الْمَنْظَر .
وَلَمَّا دَخَلَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دَهَشَ وَتَأَلَّمَ مِنْ حَالَتِهِ وَقَالَ :
مَا بِكَ يَا عُمَيْرُ ؟
فَقَالَ :
مَا بِي شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَنَا صَحِيحٌ بِحَمْدِ اللهِ أَحْمِلُ مَعِي الدُّنْيَا كُلَّهَا وَأَجُرُّهَا .
فَقَالَ :
وَمَا مَعَكَ مِنْ الدُّنْيَا ؟ ( وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ مَعَهُ مَالاً يَحْمِلُه لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ )
فَقَالَ :
مَعِي جِرَابِي وَقَدْ وَضَعْتُ فِيهِ زَادِي وَمَعِي قَصْعَتِي آكُلُ فِيهَا وَأَغْسِلُ عَلَيْهَا ثِيَابِي وَمَعِي قِرْبَةٌ لِوُضُوئِي وَشَرَابِي .
ثُمَّ إِنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَبَعٌ لِهَذَا الْمَتَاع لا حَاجَةَ لِي فِيهَا غَيْرَ هَذَا .
فَقَالَ عُمَرُ :
وَهَلْ أَتَيْتَ مَاشِيًا ؟
قَالَ :
نَعَمُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
فَقَالَ :
أَمَا أُعْطَيْتَ مِنْ الإِمَارَةِ دَابَّةً تَرْكَبَهَا ؟
فَقَالَ :
هُمْ لَمْ يَعْطُونِي وَأَنَا لَمْ أَطْلُبْ مِنْهُمْ .
فَقَالَ :
وَأَيْنَ مَا أَتَيْتَ بِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ ؟
فَقَالَ :
لَمْ آتِ بِشَيْءٍ .
فَقَالَ عُمَرُ :
وَلِمَ لَمْ تَأْتِ بِشَيْءٍ .
فَقَالَ :
لِمَّا وَصَلْتُ إِلى حَمْص جَمَعْتُ صُلَحَاءَ أَهْلِهَا وَوَلَّيْتُهُم جَمِيعَ فَيئِهم وَكَانُوا كُلَّمَا جَمَعُوا شَيْئًا اسْتَشَرْتُهُمْ فِي أَمْرِهِ وَوَضَعْتُهُ فِي مَوَاضِعِهِ وَأَنْفَقْتُه عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْهُمْ .
فَقَالَ عُمَرُ لِكَاتِبِهِ :
جَدِّدْ عَهْدًا لِعُمَيْرٍ عَلَى وَلايَةِ حِمْص .
فَقَالَ عُمَيْرَ :
هَيْهَاتَ فَإِنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ لا أُرِيدُهْ وَلَنْ أَعْمَلَ لَكَ وَلا لأَحَدٍ بَعْدَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .
ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ بِالذِّهَابِ إِلى قَرْيَةٍ فِي ضَوَاحِي الْمَدِينَةِ يُقِيمُ بِهَا أَهْلُهُ فَأَذِنَ لَهُ
لَمْ يَمْضِ عَلَى عُمَيْرٍ إِلا مُدَّةً يَسِيرَةً بَعْدَ ذِهَابِهِ لِلْقَرْيَةِ حَتَّى أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَخْتَبِرَهُ
فَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْ ثِقَاتِهِ يُقَالَ لَهُ الْحَارِثُ :
انْطَلِقْ إِلى عُمَيْرٍ بن سَعْدٍ وَأَنْزِلْ عِنْدَهُ كَأَنَّكَ ضَيْفٌ فَإِنْ رَأَيْتَ عَلَيِهِ آثَارَ نِعْمَةٍ فَعُدَ كَمَا أَتَيْتَ
وَإِنْ وَجَدْتَ حَالاً شَدِيدَةً فَأَعْطِهِ هَذِه ِالدَّنَانِيرِ وَنَاوَلَهُ صُرَّةً فِيهَا مَائِةُ دِينَارٍ .

انْطَلَقَ الْحَارِثُ حَتَّى بَلَغَ الْقَرْيَةَ الَّتِي فِيهَا عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَدُلَّ عَلَيْهِ فَلَمَّا لَقِيَهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَّدَ عَلَيْهِ السَّلامَ ، وَسَأَلَهُ مِنْ أَيْنَ قَدِمَ فَقَالَ الْحَارِثُ :
مِنْ الْمَدِينَةِ .
فَقَالَ :
كَيْفَ تَرَكْتَ الْمُسْلِمِينَ
فَقَالَ :
بِخَيْرٍ .
فَقَالَ :
كَيْفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟
قَالَ :
صَحِيحٌ صَالِحٌ .
فَقَالَ :
أَلَيْسَ يُقِيمُ الْحُدُودَ ؟
قَالَ :
بَلَى
فَقَالَ :
اللَّهُمَّ أَعِنْ عُمَرَ فَإِنِّي لا أَعْلَمُهُ إِلا شَدِيدَ الْحُبِّ لَكَ .

أَقَامَ الْحَارِثُ فِي ضِيَافَةِ عُمَيْرٍ ثَلاثَ لَيَالٍ فَكَانَ يُخْرِجُ لَهُ كُلَّ لَيْلَةِ قُرْصًا مِنْ الشَّعِيرِ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ لِلْحَارِثُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمَِ :
لَقَدْ أَجْهَدْتَ عُمَيْرًا وَأَهْلَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ إِلا هَذَا الْقُرْصُ مِنْ الشَّعِيرِ الذِي يُؤْثِرُونَكَ بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَقَدْ أَضَرَّ بِهِمْ الْجُوعُ وَالْجُهْدُ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَرْحَلَ عَنْهُمْ فَافْعَلْ .
عِنْدَ ذَلِكَ أَخْرَجَ الْحَارِثُ الدَّنَانِيرَ وَدَفَعَهَا إِلى عُمَيْر فَقَالَ :
مَا هَذِهِ ؟
فَقَالَ الْحَارِثُ :
بَعَثَ بِهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْكَ
فَقَالَ :
رُدَّهَا إِلَيْهِ وَقُلْ لا حَاجَةَ لِعُمَيْرٍ بِهَا .
فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ :
خُذْهَا يَا عُمَيْرُ فَإِنْ احْتَجْتَ إِلَيْهَا أَنْفَقْتَهَا وَإِلا وَضَعْتَهَا فِي مَوَاضِعِهَا فَالْمُحْتَاجُونَ هُنَا كَثِيرٌ فَلَمَّا سَمِعَ الْحَارِثُ قَوْلَهَا أَلْقَى الدَّنَانِيرَ بَيْنَ يَدَيْ عُمَيْرٍ . وَانْصَرَفَ .

فَأَخَذَهَا عُمَيْرُ وَجَعَلَهَا فِي صُرَرٍ صَغِيرَةٍ وَلَمْ يَبِتْ تَلْكَ اللَّيْلَةِ إِلا وَقَدْ فَرَّقَهَا عَلَى الْفُقََرَاءِ وَخَصَّ مِنْهُمْ أَبْنَاءَ الشُّهَدَاءِ
وَلَمَا عَادَ الْحَارِثَ إِلى الْمَدِينَةِ وَوَاجَهَ عُمَرُ قَالَ لَهُ :
مَا رَأَيْتَ يَا حَارِثُ ؟
فَقَالَ :
حَالاً شَدِيدَةً يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .
فَقَالَ :
أَدَفَعْتَ إِلَيْهِ الدَّنَانِيرَ ؟
فَقَالَ :
نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .
فَقَالَ عُمَرُ :
وَمَا صَنَعَ بِهَا عُمَيْرُ ؟
فَقَالَ :
لا أَدْرِي وَمَا أَظُنُّه يُبْقِي لِنَفْسِهِ مِنْهَا شَيْئًا مِنْهَا وَلا دِرْهَمًا .

فَكَتَبَ عُمَرُ إِلى عُمَيْرِ يَقُولُ :
إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي فَلا تَضَعَهُ مَنْ يَدِكَ حَتَّى تُقْبِلَ عَلَيَّ .
فَتَوَجَّهَ عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ إِلى الْمَدِينَةِ وَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ فَحَيَّاهُ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَدْنَى مَجْلِسَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ :
مَا صَنَعْتَ بِالدَّنَانِيرَ يَا عُمَيْرُ ؟
فَقَالَ :
وَمَا عَلَيْكَ مِنْهَا يَا عُمَرُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجْتَهَا لِي عَنْكَ .
فَقَالَ :
عَزِمْتُ عَلَيْكَ أَنْ تُخْبِرَنِي بِمَا صَنَعْتَ بِهَا ؟
فَقَالَ :
ادَّخَرْتُهَا لِنَفْسِي لانْتَفِعُ بِهَا يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٍ وَلا بَنُونَ .
فَدَمِعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ :
أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنَ الذِينَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسْهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ .
ثُمَّ أَمَرَ بِوِسَقٍ مِنْ طَعَامٍ وَثَوْبَيْنِ
فَقَالَ :
أَمَّا الطَّعَامُ فَلا حَاجَةَ لَنَا بِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ تَرَكْتُ عِنْدَ أَهْلِي صَاعَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَإِذَا أَكَلْنَاهُمَا يَأْتِي اللهُ لَنَا بِرِزْقٍ
وَأَمَّا الثَّوْبَيْنِ فَآخُذُهُمَا لأُمِّ فُلانِ يُرِيدُ زَوْجَتَه فَقَدْ بَلِيَ وَخلقَ ثَوْبُهَا وَكَادَتْ تَعْرَى .

فَمَضَى عُمَيْرٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ الآخِرَةِ وَادِعَ النَّفْسِ وَاثِقَ الْخَطْوِ لا يُثْقِلُه شَيْءٌ مِنْ أَحْمَالِ الدُّنْيَا وَأَمْتِعَتِهَا ، وَلَمَّا بَلَغَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَفَاةَ عُمَيْرٍ حَزِنَ عَلَيْهِ
وَقَالَ :
وَدِدْتُ أَنَّ لِي رِجَالاً مِثْلَ عُمَيْرِ أَسْتَعِينُ بِهِمْ فِي أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ .






انْتَهَى مِنْ صُوَرٍ مِنْ حَيَاةِ الصَّحَابَةِ بِتَصَرُّفٍ .







Digg this Post!Add Post to del.icio.usBookmark Post in TechnoratiTweet this Post!
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
 
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 35 : 03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir
ملتقى النخبة 2005